قال ابن عبّاس : (وَإِنْ عُدْتُمْ) إلى المعصية (عُدْنا) إلى العقوبة ، فعادوا فبعث الله عليهم محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعطون (الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ... وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) معينا سجنا ومحبسا من الحصر وهو الحبس ، والعرب تسمى [النخيل] حصورا والملك حصيرا [لأنه محجوب محبوس] (١) عن الناس.
قال لبيد :
وقماقم غلب الرقاب كأنهم |
|
جن لدى باب الحصير قيام |
أي باب الملك ومنه : انحصر في الكلام إذا [احتبس عليه] وأعياه ، والرجل الحصور عن النساء وحصر الغائط.
قال الحسن (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) أي فراشا ومهادا ، ذهب إلى الحصير الذي يفرش ، وذلك أن العرب تسمي البساط الصغير حصيرا ، وهو وجه حسن وتأويل صحيح.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢) وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (١٣) اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (١٤) مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥) وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً (١٦))
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) أي الطريقة التي [هي أسد وأعدل وأصوب] (٢) (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) وهو الجنة (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) وهي النار (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) حذفت الواو هنا في اللفظ والخط ولم يحذف في المعنى لأنها في موضع رفع وكان حذفها باستقالتها اللام الساكنة كقوله (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (٣) (يَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) (٤) ، و (يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ) و (يُنادِ الْمُنادِ ... فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ومعنى الآية (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) على [ماله وولده ونفسه بالسوء] وقوله عند الضجر
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) تفسير القرطبي : ١٠ / ٢٢٥.
(٣) سورة العلق : ١٨.
(٤) سورة الشورى : ٢٤.