ويقال : إنه يضاعف لهم العذاب.
(بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) في الدنيا من الكفر وصد الناس عن الإيمان (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعني عليها ، وإنما قال : (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لأنه كان يبعث إلى الأمم أنبياءها منها (وَجِئْنا بِكَ) يا محمّد (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) الذين بعثت إليهم (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) يحتاج إليه من الأمر والنهي ، والحلال والحرام ، والحدود والأحكام (وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) ، (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) يعني بالإنصاف (وَالْإِحْسانِ) إلى الناس ، الوالبي عن ابن عبّاس : العدل : التوحيد ، والإحسان أداء الفرائض.
[وقيل :] العدل : شهادة أن لا إله إلّا الله ، والإحسان : الإخلاص فيه.
عطاء عنه : العدل : مصطلح الأنداد ، والإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه ، مقاتل : العدل : التوحيد ، والإحسان : العفو عن الناس ، وقيل : العدل في الأفعال والإحسان في الأقوال.
كقوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (١).
(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) صلة الرحم (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) القبيح من الأقوال والأفعال.
وقال ابن عبّاس : الزنا.
(وَالْمُنْكَرِ) ما لا يعرف في شريعة ولا سنّة (وَالْبَغْيِ) الفسق والظلم.
وقال ابن عيينة : [والعدل في مستوى] السر والعلانية. والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته. والفحشاء أن تكون علانيته أحسن من سريرته.
(يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تتعظون.
قتادة : إن الله تعالى أمر عباده بمكارم الأخلاق ومعاليها ، ونهاهم عن سفاسف الأخلاق ومذاقها.
وقال ابن مسعود : وأجمع آية في القرآن هذه الآية.
شهر بن حوشب عن ابن عبّاس قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفناء بيته بمكة جالسا إذ مرّ به عثمان بن مظعون فكسر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له رسول الله : «ألا تجلس» [٨] قال : بلى ، فجلس إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مستقبله فبينما هو يحدّثه إذ شخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصره إلى السماء فنظر ساعة فأخذ يضع بصره حتّى وقع على يمينه في الأرض فتحرّف رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره فأخذ ينغض رأسه كأنّه يستفهم شيئا يقال له ، ثمّ شخص رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصره إلى السماء كما شخص أول مرة فأتبعه بصره حتّى توارى في السماء فأقبل إلى
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٣.