قال عبد الرّحمن بن كيسان : على رأس أربعين سنة وهو القدر الذي يوحي فيه إلى الأنبياء (١) ، قال الكلبي : وافق الكلام عند الشجرة.
(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) اخترتك واصطفيتك واختصصتك (٢) بالرسالة أو النبوّة (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي) اليد والعصا (وَلا تَنِيا) قال ابن عباس : لا تضعفا ، وقال السدّي : لا تفترا ، وقال محمد بن كعب : لا تقصّرا.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : لا تبطئا ، وفي قراءة ابن مسعود : ولا تهنا.
(اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) قال ابن عباس : لا تعنّفا في قولكما ولا تغلّظا ، وقال السدّي وعكرمة : كنّياه قولا له : يا أبا العباس ، وقيل : يا أبا الوليد.
وقال مقاتل : يعني بالقول اللين (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى).
وقال أهل المعاني : معناه الطفا له في قولكما فإنّه ربّاك وأحسن تربيتك وله عليك حقّ الأبوّة فلا تجبهه بمكروه في أوّل قدومك عليه ، يقال : وعده على قبول الإيمان شبابا لا يهرم وملكا لا ينزع عنه إلّا بالموت ، ويبقى عليه لذّة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته.
قال المفسّرون : وكان هارون يومئذ بمصر فأمر الله عزوجل أن يأتي هو وهارون ، وأوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى فتلقّاه إلى مرحلة وأخبره بما أوحي إليه فقال له موسى : إن الله سبحانه أمرني أن آتي فرعون فسألت ربّي عزوجل أن يجعلك معي. وقوله (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) أي يسلم.
فإن قيل : كيف قال : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) وعلمه سابق في فرعون أنّه لا يتذكّر ولا يخشى؟.
قال الحسين (٣) بن الفضل : هو مصروف إلى غير فرعون ، ومجازه : لكي يتذكّر متذكّر أو يخشى خاش إذا رأى برّي وإلطافي بمن خلقته ورزقته ، وصححت جسمه وأنعمت عليه ثم ادّعى الربوبية دوني.
وقال أبو بكر محمد بن عمر الورّاق : لعلّ هاهنا من الله واجب ، ولقد تذكّر فرعون حيث لم تنفعه الذكرى والخشية ، وذلك قوله حين ألجمه الغرق في البحر (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٤).
__________________
(١) في الثانية محمد بن كعب ثم جئت على القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء.
(٢) في نسخة أصفهان زيادة : لنفسي.
(٣) في نسخة أصفهان : الحسن.
(٤) يونس : ٩٠.