قال : أخبرنا أحمد بن يحيى العبيدي قال : حدّثنا أحمد بن نجدة قال : حدّثنا الحمّاني قال : حدّثنا عيسى بن يونس (١) عن حميد بن عبد الله عن عبد الله بن الحرث العنبسي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) قال : كانتا من جلد حمار ميّت (٢) ، وفي بعض الأخبار : غير مدبوغ (٣) ، وقال الحسن : ما بال خلع النعلين في الصلاة وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في نعليه؟ وإنّما أمر موسى عليهالسلام أن يخلع نعليه إنّهما كانتا من جلد حمار ، وقال أبو الأحوص : أتى عبد الله أبا موسى في داره فأقيمت الصلاة فقال لعبد الله تقدّم ، فقال له عبد الله : تقدّم أنت في دارك فتقدّم فنزع نعليه ، فقال له عبد الله : أ (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) أنت؟.
وقال عكرمة ومجاهد : إنّما قال له : اخلع نعليك كي تمسّ راحة قدميك الأرض الطيّبة وينالك بركتها لأنّها قدّست مرّتين.
وقال بعضهم : أمر بذلك لأنّ الحفوة من أمارات التواضع ، وكذلك فعل السّلف حين طافوا بالبيت.
قال سعيد بن جبير : قيل له : طأ الأرض حافيا ، كيما يدخل كعبه من بركة الوادي.
وقال أهل الإشارة : معناه : فرّغ قلبك من شغل الأهل والولد.
قالوا : وكذلك هو في التعبير من رأى عليه نعلين تزوّج.
فخلعهما موسى وألقاهما من وراء الوادي (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) المطهّر (طُوىً) اسم الوادي ، وقال الضحاك : مستدير عميق مثل الطوى في استدارته ، وقيل : أراد به إنك تطوي الوادي ، وقيل : هو الليل ، يقال : أتيتك طوى من الليل ، وقيل : طويت عليه البركة طيّا ، وقرأ عكرمة : طِوىً بكسر الطاء وهما لغتان ، وقرأ أهل الكوفة والشام : (طُوىً) بالتنوين وإلّا جرّا لتذكيره وتحقيقه ، الباقون من غير تنوين ، قال : لأنّه معدول عن طاو أو مطوىّ ، فلمّا كان معدولا عن وجهه كان مصروفا عن إعرابه مثل عمر وزفر وقثم.
(وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) اصطفيتك ، وقرأ حمزة : وإنّا اخترناك بلفظ الجمع على التعظيم (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي) ولا تعبد غيري (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) قال مجاهد : (أَقِمِ الصَّلاةَ) لتذكرني فيها ، وقال مقاتل : إذا تركت الصلاة ثمّ ذكرتها فأقمها ، يدلّ عليه ما أخبرنا عبد الله بن حامد (٤) قال : أخبرنا محمد بن يعقوب قال : حدّثنا إبراهيم بن
__________________
(١) في نسخة أصفهان : بن نجدة الحماني عن يونس.
(٢) سنن الترمذي : ٣ / ١٣٨.
(٣) السنن الكبرى : ٣ / ٢٥٥.
(٤) في الثانية زيادة : الوزّان.