يأمرهم بالمعاصي أمرا ، وقال سعيد بن جبير : تغريهم إغراء وقال مجاهد : تشليهم أشلاء وقال الأخفش : توهجهم ، وقال المؤرّخ : تحرّكهم ، وقال أبو عبيد : تغويهم وتهيجهم ، وقال القتيبي : تخرجهم إلى المعاصي ، وأصله الحركة والغليان ومنه الخبر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ولجوفه أزيز كأزيز المرجل» (١).
(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) بالعذاب (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) قال الكلبي : يعني الليالي والأيام والشهور والسنين ، وقيل : الأنفاس ، يقال : إنّ المأمون كان يقرأ سورة مريم وعنده الفقهاء فلمّا انتهى إلى هذه الآية التفت إلى محمد بن السماك مشيرا عليه بأن يعظه فقال : إذا كانت الأنفاس بالعدد ، ولم يكن لها مدد ، فما أسرع ما تنفد.
(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ) يعني الموحّدين (إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) أي جماعات وهو جمع وافد مثل راكب وركب وصاحب وصحب.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدّثنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا ..... (٢) ... وهب بن جرير عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن رجل عن أبي هريرة (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) قال : على الإبل ، وقال ابن عباس : ركبانا يؤتون بنوق عليها رحال الذهب ، وأزمّتها الزبرجد فيحملون عليها ، وقال علىّ بن أبي طالب : «ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها ذهب ، ونجائب سرجها يواقيت ، إن همّوا بها سارت ، وإن همّوا بها طارت» (٣).
أخبرنا عبد الله بن حامد (٤) ، أخبرنا أحمد بن شاذان عن صعوبة بن محمد ، حدّثنا صالح ابن محمد عن إبراهيم بن عن صالح بن صدقة أن علي بن أبي طالب رضياللهعنه قال : لما نزلت هذه الآية (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) قال : قلت : يا رسول الله إني رأيت وفود الملوك فلم أر وفدا إلّا ركبانا فما وفد الله؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا علي إذا كان المنصرف من بين يدي الله تلقّت الملائكة المؤمنين بنوق بيض رحالها وأزمّتها الذهب ، على كلّ مركب حلّة لا تساويها الدنيا ، فيلبس كلّ مؤمن حلّته ثم يستوون على مراكبهم فتهوي بهم النوق حتى تنتهي بهم إلى الجنة تتلقّاهم الملائكة (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (٥).
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٢٥.
(٢) في نسخة أصفهان : عبد الله بن محمد عن الحسين.
(٣) كنز العمال : ٢ / ٤٦٥ بتفاوت.
(٤) في نسخة أصفهان زيادة : الوزان.
(٥) تفسير القرطبي : ١١ / ١٥٢.