(إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) يعني من جسم قائم له ظل (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ).
بالتاء أهل البصرة. الباقون بالياء ، ومعنى قوله (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ) : يميل ويرجع من جانب إلى جانب فهي في أوّل النهار ثمّ تعود إلى حال أخرى في آخر النهار ، فميلانها ودورانها من موضع إلى موضع سجودها ، ومنه قيل للظل بالعشي : فيء ، لأنه فاء من المغرب إلى المشرق ، والفيء : الرجوع ، قال الله : (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (١) يقال : سجدت النخلة إذا حالت ، وسجد البعير وأسجد إذا جعل للركوب ، ومثله قال في هذه الآية على هذا التأويل.
قتادة والضحاك : أمّا اليمين فأول النهار وأمّا الشمال فآخر النهار ، تسجد الضلال لله غدوة إلى أن تفيء الظلال ثمّ تسجد أيضا إلى الليل.
وقال مجاهد : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله.
وقال عبد الله بن عمر : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أربع قبل الظهر بعد الزوال تحسب بمثلهن في صلاة السحر وليس من شيء إلّا وهو يسبح لله تعالى تلك الساعة» ثمّ قرأ (يَتَفَيَّؤُا) الآية (٢).
الكلبي : الظل قبل طلوع الشمس عن يمينك وعن شمالك وقدامك وخلفك ، ولذلك إذا غابت وإذا طلعت كان قدامك ، فإذا ارتفعت كان عن يمينك وإذا كان بعد ذلك كان خلفك ، فإذا كان قبل أن تغيب الشمس كان على يسارك فهذا تفيؤه أي تضلله هاهنا وهاهنا ، وهو سجوده.
وأمّا الوجه في توحيد اليمين وجمع الشمال ، فهو أنّ من شأن العرب إذا اجتمعت علامتان في شيء واحد أن يبقى واحدة ويلقى الأخرى ، واكتفي بالملقي على الملقى بقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ) (٣) كقوله : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٤).
وقال بعضهم : اليمين راجع إلى قوله : (ما خَلَقَ اللهُ) ولفظة من أحد ، (وَالشَّمائِلِ) راجعة إلى المعنى وقيل : هذا في الكلام كثير.
قال الشاعر :
بفي الشامتين الصخر إن كان هدني |
|
رزية شبلي مخدر في الضراغم (٥) |
__________________
(١) سورة الحجرات : ٩.
(٢) تفسير الثعالبي : ٣ / ٤٢٦.
(٣) سورة البقرة : ٧.
(٤) سورة البقرة : ٢٥٧.
(٥) تفسير الطبري : ١٤ / ١٥٤.