محل الرفع وفي الآية اختصار فتأويلها هلّا بعث الله ملكا رسولا فأجابهم الله تعالى (قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ) مستوطنين مقيمين (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) لأن الملائكة إنما تبعث إلى الملائكة ويراهم الملائكة (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) إنه رسوله إليكم (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) إلى قوله (أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) دونهم (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ).
شيبان عن قتادة عن أنس : إن رجلا قال : يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الذي أمشاه على رجاله قادر أن يمشيه على وجهه [في النار]» [٥٨] (١).
وروى حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف : صنفا مشاة وصنفا ركبان وصنفا يمشون على وجوههم».
قيل : يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال : «إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك» [٥٩] (٢).
(عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) إن قيل : وكيف وصف الله عزوجل هؤلاء يأتيهم يوم القيامة عمي وصم وبكم ، وقال تعالى (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) (٣) فقال : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) وقال (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) والجواب عنه ما قال ابن عبّاس : (عُمْياً) لا يرون شيئا يسرهم ، (بُكْماً) لا ينطقون بحجة ، (صُمًّا) لا يسمعون شيئا يسرهم.
وقال الحسن : هذا حين [جاءتهم] الملائكة وحين يساقون إلى الموقف عمي العيون وزرقها سود الوجوه إلى أن يدخلوا النار.
مقاتل : هذا حين يقال لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ، فيصيرون بأجمعهم عميا بكما صما لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون بعد ذلك.
وقيل : (عُمْياً) لا يبصرون الهدى ، (وَبُكْماً) لا ينطقون بخير ، (وَصُمًّا) لا يسمعون الحق.
(مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ) قال ابن عبّاس : [سكنت] مجاهد : [طفيت] قتادة : لانت وضعفت.
(زِدْناهُمْ سَعِيراً) وقودا (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٢٢٩ ، وصحيح ابن حبان : ١٦ / ٣١٦ ح ١٧٣٢١.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ٣٦٣.
(٣) سورة الكهف : ٥٣.