(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) اي المتطهرين فأدغمت التاء في الطاء لقرب مخرجيهما.
قال يزيد بن عجرة : أتت الحمّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صورة جارية سوداء فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أنت؟» قالت : أم ملدم انشف الدم ، وآكل اللحم وأصفر الوجه وارقق العظم.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فاقصدي الأنصار فإن لهم علينا حقوقا» فحمّ الأنصار.
فلما كان الغد قال : «ما للأنصار؟» قال : فحموا عن آخرهم. فقال : «قوموا بنا نعودهم» فعادهم وجعل يقول : «أبشروا فإنها كفارة وطهور» [٥٩].
قالوا : يا رسول الله ادعوا الله أن يديمها علينا [أعواما] (١) حتى تكون كفّارة لذنوبنا ، فأنزل الله تعالى عليهم (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) بالحمى عن معاصيهم (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) من الذنوب.
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) اختلف القراء به فقرأ نافع وأهل الشام : أُسِّسَ بُنْيانُهُ بضم الهمزة والنون على غير تسمية الفاعل ، وذكر أبو حاتم عن زيد بن ثابت ، وقرأ عمارة بن صايد : آسَسَ بالمد وفتح السين والنون في وزن آمن ، وكذلك الثانية وآسس واسّس واحد افعل وفعل يتقاربان في التعدية.
وقرأ الباقون بفتح الهمزة وتشديد السين الاولى على تسمية الفاعل واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
(عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ) وقرأ عيسى بن عمر تَقْوًى مِنَ اللهِ منوّنا (وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا) أي شفير وقال أبو عبيد : الشفا الحد وتثنيته : الشفوان.
(جُرُفٍ) قرأ عاصم وحمزة بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتثقيل وهما لغتان وهو البئر التي لم تطؤ. قال أبو عبيدة : هو الهوّة وما يجرفه السيل من الأودية (هارٍ) أي هائر وهو الساقط الذي يتداعى بعضه في أثر بعض كما ينهار الرمل والشيء الرخو. يقال هو من المقلوب يقلب ويؤخر ياؤها فيقال هار [ولات] كما يقال شاكي السلاح وشائك السلاح وعاق وعائق ، قال الشاعر :
ولم يعقني عن هواها عاق.
وقيل : هو من هار يهار إذا انهدم مثل : خاف يخاف ، وهذا مثل لضعف نيّاتهم وقلّة بصيرتهم في علمهم (فَانْهارَ) فانتثر يقال : هار وانهار ويهور بمعنى واحد إذا سقط وانهدم ومنه قيل تهوّر الليل إذا ذهب أكثره ، وفي مصحف أبيّ : فانهارت به قواعده (فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا
__________________
(١) في المخطوط : الماء.