(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) شعبة عن عمرو بن مرّة عن عبد الله بن أبي أوفى ، وكان من أصحاب الشجرة : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أتاه قوم بصدقاتهم قال : «اللهم صلّ عليهم» ، فأتيته بصدقتي فقال : «اللهم صلّ على أبي أوفى» قال ابن عباس : ليس هذا صدقة الفرض ، إنما هو كصدقة كفارة اليمين ، وقال عكرمة : هو صدقة الفرض. فلما نزلت توبة هؤلاء قال الذين لم يذنبوا متخلّفين : هؤلاء كانوا بالأمس معنا لا يكلمون ولا يجالسون فما لهم؟ فقال الله عزوجل : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) الآية ومعنى أخذ الصدقات. قبولها.
الشافعي عن سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب قوته ولا يقبل الله [عمله] ولا يصعد الى السماء إلّا طيّب إلّا كان إنما يضعها في يدي الرحمن فيربيها كما يربي أحدكم فلوه حتى أن [اللقمة] لتأتي يوم القيامة وإنها كمثل الجبل العظيم» [٥٦]. ثم قرأ : (أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) ، وتصديق ذلك في كتاب الله المنزل (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) إلى قوله (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وقال مجاهد : هذا وعيد لهم ، وفي الخبر : لو أتى عبد الله في صخرة لا باب لها ولا كوّة لخرج عمله الى الناس كائنا ما كان (١).
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١١٠))
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) أي مؤخرون لأمر الله ليقضي فيهم ما هو قاض ، وهم الثلاثة الذين خلفوا وربطوا بالسواري أنفسهم ولم يبالغوا في التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه فرفق بهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونهى الناس عن مكالمتهم وأمر نساءهم باعتزالهم حتى شقهم القلق وتهتكهم الحزن و (ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ) برحبها وكانوا من أهل [بدر ، فجعل الناس] يقولون : هلكوا إذا لم ينزل لهم عذر ، وجعل آخرون يقولون : عسى أن يغفر الله لهم ،
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٢٨.