وقال محمد بن إسحاق عن يسار وغيره نزلت في رجل من المنافقين يقال له : نهشل بن الحرث ، وكان حاسر الرأس أحمر العينين أسفح الخدين مشوّه الخلقة ، وهو الذي قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من أراد أن ينظر الى الشيطان فلينظر إلى نهشل بن الحرث» [٢٤] (١) ، وكان ينمّ حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المنافقين فقيل له : لا تفعل ، فقال : إنما محمد أذن ، من حدّثه شيئا يقبل ، نقول ما شئنا ثم نأتيه فنحلف له ويصدقنا عليه ، فأنزل : (الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) يسمع من كل واحد ويقبل ما يقال له ومثله أذنة على وزن فعلة ويستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع ، وأصله : أذن يأذن أذنا إذا استمع ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : ما اذن الله لشيء كأذنه لنبي بمعنى القرآن ، وقال عدي بن زيد :
أيها القلب تعلل بددن |
|
إن همي في سماع وأذن (٢) |
وقال الأعشى :
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به |
|
وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا (٣) |
وكان استأذنا أبو القاسم الحبيبي يحكي عن أبي زكريا العنبري عن ابن العباس الازهري عن أبي حاتم السجستاني أنّه قال : (هُوَ أُذُنٌ) أي ذو أذن سامعة.
(قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) قراءة العامة بالإضافة أي أذن خير لا أذن شرّ ، وقرأ الحسن والأشهب العقيلي : والأعمش والبرجمي : أُذُنٌ خَيْرٌ لَكُمْ مرفوعا من المنافقين ومعناه : إن كان محمدا كما تزعمون بأن يسمع منكم ويصدقكم خير لكم من أن يكذبكم ولا يقبل قولكم.
ثم كذّبهم فقال (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) يعلمهم ، وقيل : يقال أمنتك وأمنت لك بمعنى صدقتك كقوله : (الَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) (٤) أي [..........] (٥) ربهم (وَرَحْمَةٌ) قرأ الحسن وطلحة والأعمش وحمزة : (ورحمة) عطفا على معنى أذن خير وأذن شر في قول عبد الله وأبي ، وقرأ الباقون : (وَرَحْمَةٌ) بالرفع أي : هو أذن خير ، وهو رحمة ، جعل الله تعالى محمدا صلىاللهعليهوسلم مفتاح الرحمة ومصباح الظلمة وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم.
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) قال قتادة والسدّي : [اجتمع نفر] من المنافقين منهم جلاس بن سويد وذريعة بن ثابت فوقعوا في النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي ١١٨ ، وفيه : نبتل بن الحارث ، وكذا في تفسير القرطبي : ٨ / ١٩٢.
(٢) تاج العروس : ٩ / ١٢٠.
(٣) تاج العروس : ٩ / ١٢٠.
(٤) سورة المؤمنون : ٥٨.
(٥) كلمة غير مقروءة.