(لَهُ عُدَّةً) وهي المتاع والكراع (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ) لم يرد الله (انْبِعاثَهُمْ) [خروجهم] (فَثَبَّطَهُمْ) فمنعهم وحبسهم (وَقِيلَ اقْعُدُوا) في بيوتكم (مَعَ الْقاعِدِينَ) يعني المرضى والزمنى ، وقيل : النساء والصبيان.
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ) الآية ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر الناس بالجهاد لغزوة تبوك ، فلمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو وعسكره على ثنيّة الوداع ، ولم يكن بأقلّ العسكرين ، فلمّا سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم تخلف عنه عبد الله بن أبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب ، فأنزل الله تعالى [يعزي] نبيه صلىاللهعليهوسلم : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ) يعني المنافقين (ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) فسادا ، وقال الكلبي : شرّا وقيل : غدرا ومكرا (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) يعني ولأوضعوا ركابهم بينكم ، يقال : وضعت الناقة تضع وضعا ووضوعا إذا أسرعت السير ، وأوضعها إيضاعا أي جدّ بها فأسرع ، قال الراجز :
يا ليتني فيها جذع |
|
أخبّ فيها وأضع (١) |
وقال : أقصر فإنك طالما |
|
أوضعت في إعجالها |
قال محمد بن إسحاق يعني : أسرع الفرار في أوساطكم وأصل الخلال من الخلل وهو الفرجة بين الشيئين وبين القوم في الصفوف وغيرها ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «تراصّوا في الصفوف لا يخللكم الشيطان كأولاد الحذف» [٢٠] (٢).
(يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) أي يبغون لكم ، يقول : يطلبون لكم ما تفتنون به ، يقولون : لقد جمع [العدو] لكم فعل وفعل ، يخبلونكم.
وقال الكلبي : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) يعني الغيب والسر ، وقال الضحاك : يعني الكفر ، يقال فيه : بغيته أبغيه بغاء إذا التمسته بمعنى بغيت له ، ومثله عكمتك إن عكمت لك فيها ، وإذا أرادوا أعنتك عليه قالوا : أبغيتك وأحلبتك وأعكمتك (٣).
(وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) قال مجاهد وابن زيد بينكم عيون لهم عليكم [يوصلون] ما يسمعون منكم ، وقال قتادة وابن يسار : وفيكم من يسمع كلامهم ويطبعهم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ) أي عملوا بها لصد أصحابك عن الدين وردهم إلى الكفر بتخذيل الناس عنك قبل هذا اليوم ، كفعل عبد الله بن أبي يوم أحد حين انصرف عنك بأصحابه (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) أجالوا فيك وفي إبطال دينك الرأي بالتخذيل عنك وتشتّت أصحابك.
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٠ / ١٨٧. البيت لدريد بن الصمة قاله في يوم هوازن كما في لسان العرب : ٨ / ٣٩٨.
(٢) المعجم الصغير للطبراني : ١ / ١١٩.
(٣) تفسير الطبري : ١٠ / ١٨٧.