وينشد بيت أوس بن حجر :
وفارس لو تحل الخيل عدوته |
|
ولّوا سراعا وما همّوا بإقبال |
بالضم (١).
والدنيا تأنيث الأدنى ، والقصوى تأنيث الأقصى.
وكان المسلمون خرجوا ليأخذوا العير وخرج الكفار ليمنعوها فالتقوا من غير ميعاد قال الله (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) لقلّتكم وكثرة عدوكم (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) من نصر أوليائه وإعزاز دينه وإهلاك أعدائه (لِيَهْلِكَ) هذه اللام مكررة على اللام في قوله (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) ويهلك (مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) أي ليموت من يموت على بينة [ولها وعبرة] عاينها وحجّة قامت عليه ، وكذلك حياة من يحيى لوعده (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).
وقال محمد بن إسحاق : ليكفر من كفر بعد حجة قامت عليه وقطعت معذرته ويؤمن من آمن على [مثواك].
وقال قتادة : ليضل من ضل عن بينة ويهتدي من اهتدى على بيّنة.
وقال عطاء : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) عن علم بما دخل فيه من الفجور (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) عن علم ويقين بلا إله إلّا الله. وفي (حَيَّ) قولان ، قرأ أهل المدينة : (حيي) بيائين مثل خشيي على الإيمان ، وقرأ الباقون (حَيَّ) بياء واحدة مشددة على الإدغام ، لأنّه في الكتاب بياء واحدة (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ) يا محمد يعني المشركين (فِي مَنامِكَ) أي في نومك ، وقيل : في موضع نومك يعني عينك (قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) لجبنتم (وَلَتَنازَعْتُمْ) اختلفتم (فِي الْأَمْرِ) وذلك أن الله تعالى أراهم إياه في منامه قليلا فأخبر صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فكان تثبيتا لهم ونعمة من الله عليهم شجعهم بها على عدوهم فدلك قوله عزوجل (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) قال ابن عباس : سلم الله أمرهم حين أظهرهم على عدوهم (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) قال مقاتل : ذلك أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم رأى في المنام أن العدو قليل قبل [لقاء] العدو فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم أصحابه بما رأى. فقالوا : رؤيا النبيّ حق ، القوم قليل ، فلما التقوا ببدر قلل الله المشركين في أعين المؤمنين وأصدق رؤيا النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
قال عبد الله بن مسعود : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتّى قلت لرجل إلى جنبي : [نراهم سبعين] قال أراهم مائة فأسرنا رجلا فقلنا كم كنتم؟ قال : ألفا. (وَيُقَلِّلُكُمْ) يا معشر المؤمنين (فِي أَعْيُنِهِمْ).
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٠ / ١٥.