وقال قتادة : كان سهم ذي القربى طعمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ما كان حيّا. فلمّا توفي جعل لولي الأمر بعده.
__________________
فدفع المأمون الجماعة عن مجلسه ذلك اليوم ، ثم أحضر في اليوم الآخر ألف رجل من أهل الفقه والعلم وشرح لهم الحال وأمرهم بتقوى الله ومراقبته ، فتناظروا واستظهروا ثم افترقوا فرقتين ، فقالت طائفة منهم : الزوج عندنا جار إلى نفسه فلا شهادة له ، ولكنّا نرى يمين فاطمة قد أوجبت لها ما ادّعت مع شهادة الامرأتين ، وقالت طائفة :
نرى اليمين مع الشهادة لا توجب حكما ولكن شهادة الزوج عندنا جائزة ولا نراه جارا إلى نفسه ، فقد وجب بشهادته مع شهادة الامرأتين لفاطمة عليهاالسلام ما ادّعت ، فكان اختلاف الطائفتين إجماعا منهما على استحقاق فاطمة عليهاالسلام فدك والعوالي.
فسألهم المأمون بعد ذلك عن فضائل لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، فذكروا منها طرفا جليلة قد تضمّنه رسالة المأمون ، وسألهم عن فاطمة عليهاالسلام فرووا لها عن أبيها فضائل جميلة ، وسألهم عن أمّ أيمن وأسماء بنت عميس فرووا عن نبيّهم محمّد صلىاللهعليهوآله انّهما من أهل الجنّة ، فقال المأمون : أيجوز أن يقال أو يعتقد أن علي بن أبي طالب مع ورعه وزهده يشهد لفاطمة بغير حق؟
وقد شهد الله تعالى ورسوله بهذه الفضائل له ، أو يجوز مع علمه وفضله أن يقال إنه يمشي في شهادة وهو يجهل الحكم فيها؟
وهل يجوز أن يقال إن فاطمة مع طهارتها وعصمتها وانها سيّدة نساء العالمين وسيّدة نساء أهل الجنّة كما رويتم تطلب شيئا ليس لها ، تظلم فيه جميع المسلمين وتقسم عليه بالله الذي لا إله إلّا هو؟
أو يجوز أن يقال عن أمّ أيمن وأسماء بنت عميس انّهما شهدتا بالزور وهما من أهل الجنّة؟ إن الطعن على فاطمة وشهودها طعن على كتاب الله وإلحاد في دين الله ، حاشا الله أن يكون ذلك كذلك.
ثم عارضهم المأمون بحديث رووه أن علي بن أبي طالب عليهالسلام أقام مناديا بعد وفاة محمّد صلىاللهعليهوآله نبيّهم ينادي : من كان له على رسول الله صلىاللهعليهوآله دين أو عدّة فليحضر ، فحضر جماعة فأعطاهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ما ذكروه بغير بيّنة ، وان أبا بكر أمر مناديا ينادي بمثل ذلك فحضر جرير بن عبد الله وادّعى على نبيّهم عدّة فأعطاها أبو بكر بغير بيّنة ، وحضر جابر بن عبد الله وذكر أن نبيّهم وعده أن يحثو له ثلاث حثوات من مال البحرين ، فلما قدم مال البحرين بعد وفاة نبيّهم أعطاه أبو بكر الثلاث الحثوات بدعواه بغير بيّنة.
(قال عبد المحمود) : وقد ذكر الحميدي هذا الحديث في الجمع بين الصحيحين في الحديث التاسع من أفراد مسلم من مسند جابر وان جابرا قال : فعددتها فإذا هي خمسمائة فقال أبو بكر خذ مثليها (راجع صحيح مسلم : ٤ ١٨٠٧ كتاب الفضائل ح ٤٢٧٨ ، وفتح الباري بشرح البخاري : ٤ / ٥٩٨ ح ٢٢٩٦ كتاب الكفالة باب من تكفل عن يتيم).
قال رواة رسالة المأمون : فتعجّب المأمون من ذلك وقال : أما كانت فاطمة وشهودها يجرون مجرى جرير بن عبد الله وجابر بن عبد الله ، ثم تقدّم بسطر الرسالة المشار طليها وأمر أن تقرأ بالموسم على رؤوس الاشهاد ، وجعل فدك والعوالي في يد محمد بن يحيى بن الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام يعمرها ويستغلها ويقسم دخلها بين ورثة فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآله نبيّهم. انتهى. (ذكر بعض هذه الأمور المسعودي في مروج الذهب : ٢ / ٤٠٢ ط. مصر و ٤ / ٥١ ط. بيروت ، والسقيفة وفدك : ١٠٣. ١٤٦ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ١ / ٥٦ شرح الخطبة ٢٦ و ١٦ / ٢١٠ إلى ٢٨٦ ، وسيرة ابن هشام : ٣ / ٣٠١ ، وبلاغات النساء : ٢٦. ٢٨. ٣٠ : وتاريخ الذهبي : ٣ / ٢١ ، وكنز العمال : ٥ / ٥٨٥ و ٦٣٦ ح ١٤٠٤٠ و ١٤١٠١ و ١٤٠٤٥ و ١٤١٢٠ و ١٤٠٩٧)