وأمّا النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقد مضى وأمّا الاستغفار فهو كائن إلى يوم القيامة.
وقال قتادة [وابن عباس] وابن يزيد معنى : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) : أن لو استغفروا ، يقول إن القوم لو كانوا يستغفرون لما عذبوا ولكنهم لم يكونوا استغفروا ولو استغفروا فأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين.
وقال مجاهد وعكرمة : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي يسلمون ، يقول : لو أسلموا لمّا عذّبوا.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي وفيهم من سبق له من الله الدخول في الإيمان.
وروى عن ابن عباس ومجاهد والضحاك : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي يصلّون. وقال الحسن : هذه الآية منسوخة بالآية التي تلتها : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) إلى قوله : (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) فقاتلوا بمكّة فأصابوا فيها الجوع والخير.
وروى عبد الوهاب عن مجاهد (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أي في [أصلابهم] من يستغفره.
قال (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) أي : ما يمنعهم من أن يعذّبوا. قيل : [إنّ (أن) هنا زائدة] (١).
(وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) المؤمنون من حيث كانوا ومن كانوا ، يعني النبيّ صلىاللهعليهوسلم ومن آمن معه.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) والمكاء الصفير. يقال مكاء تمكّوا مكا ومكوا. وقال عنترة :
وحليل غانية تركت مجدّلا |
|
تمكوا فريصته كشدق الأعلم (٢) |
ومنه قيل : مكت اسم الدابة مكأ إذا نفخت بالريح. (وَتَصْدِيَةً) يعني التصفيق.
قال جعفر بن ربيعة : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن قوله (إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) فجمع كفيه ثمّ نفخ فيها صفيرا.
وقال ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون.
و [قال] مجاهد : كان نفر من بني عبد الدار يعارضون النبيّ صلىاللهعليهوسلم في الطواف يستهزئون به فيدخلون أصابعهم في أفواههم ويصفرون ، يخلطون عليه صلاته وطوافه.
وقال مقاتل : كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا صلّى في المسجد قام رجلان من المشركين عن يمينه
__________________
(١) المخطوط مشوش والظاهر ما أثبتناه وهو موافق لما في تفسير القرطبي : ٧ / ٤٠٠.
(٢) لسان العرب : ١١ / ١٦٤.