فلا غرو في أن يكون المذكور في الإجماعات والأخبار الدالّة على كون الجمعة منصب الإمام عليهالسلام ، ما هو الجمعة بحسب الأصل والمقرّر ، لا ما عرضه صدمة واعتراه عارضة وحادثة ، كما هو الحال في صلاة العيدين وغيرها.
وسيجيء في صلاة العيدين ما يظهر اتّحادها مع الجمعة في الشرائط ، ومرّ ما يمكن الاستشهاد به لهم ، وسيجيء في آخر مبحث استحباب صلاة الجمعة ما يزيد التحقيق.
ومنهم من قال بأنّها منصب الإمام عليهالسلام مطلقا ، لما وجد من الإجماعات والأخبار الدالّة على كونها منصبه بعنوان الإطلاق (١).
لكن عرفت أنّ الإمام عليهالسلام ما كان يباشر مناصبه بنفسه إلّا نادرا ، فإذا قال : صلّوا الجمعة يكون رخصة منه وإذنا ونصبا ، إذ لا يجب صدور ما هو منصبه بنفسه أو نائبه الخاصّ ، بل يجوز بنائبه العام أيضا بالإذن العام ، ولا ينافي ذلك كونها منصبه ، بل يحقّقه ويؤكّده.
ولذلك قال بعض من قال بالوجوب العيني بأنّا منصوبون ومأذونون (٢) من جهة أخبارهم الدالّة على وجوبها على المكلّفين الظاهرة في الوجوب العيني.
لكن فيه تأمّل عرفت وجهه من أنّ أخبارهم على ضربين :
ضرب ليس فيه سوى وجوبها العيني الذي هو الفرض الإلهي ، وهذا لا يدلّ على شرط من الشروط ، فضلا عن النصب العام ، أو الإذن العام ، كما هو الحال في الأخبار الدالّة على وجوب الجهاد ، بل هي أشدّ وآكد ، بل عرفت أنّ هذه الأخبار منهم لم تكن على وجه طلب الجمعة من الرواة والمخاطبين البتة من جهة
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٧٢ ، جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٤ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢١.
(٢) جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٥.