الحاضر إلى الغائب وبالعكس ، ومن الرجل إلى المرأة وبالعكس ، ومن كلّ واحد منهما إلى الخنثى والخصي ، بل وربّما نتعدّى إلى الصبيان أيضا ، وكذا نتعدّى عن العالم إلى الجاهل والعكس ، وكذا إلى الناسي وبالعكس ، وكذا الغافل والنائم وغيرهما ، وكذا الحال بين المختار والمضطرّ ، والمسافر والحاضر ، والمسلم والكافر ، والعربي والعجمي ، والأعرابي وغيره ، والبلدي وغيره إلى غير ذلك.
وكذا نتعدّى عن الثوب إلى البدن وبالعكس ، وعن كلّ واحد منهما إلى سائر الأجسام وبالعكس ، وكذا نتعدّى عن البول إلى الروث وبالعكس ، وعن نجاسة إلى نجاسة اخرى ، بل ونجاسات ، وكذا نتعدّى عن حكم إلى حكم آخر وجميع ما ذكر وأمثاله خروج عن مدلول النص بالبديهة ، إلّا أنّه لدليل شرعي.
ولذا لا يكون الخروج في المقامات المذكورة بعنوان الكليّة ، بل دائر مع ذلك الدليل ، ولو لم يكن ، لم نتعدّ جزما ، ويكون التعدّي حراما وقياسا وإن كان اللفظ والعبارة مثل موضع التعدّي بعينه من دون تفاوت.
وربّما يخفى ذلك الدليل على بعض ، أو لا يتفطّن به ، فيتوهّم كون التعدّي قياسا وحراما ، ويطعن على المتعدّي وإن كان جميع الفقهاء أو أكثرهم ، وحاشاهم عن القياس وكيف وهم ـ رضوان الله عليهم ـ ملأوا طواميرهم في الطعن على من يقول بالقياس ، وصرّحوا بأنّه هالك ومهلك للناس ، وبالغوا أشدّ المبالغة ، وجعلوا ذلك أشدّ تشنيع على العامّة.
نعم ، ربّما ذكروا القياس لأغراض اخر ، لا لأنّه دليلهم وأنّ اعتمادهم في حكمهم عليه ، ومع ذلك لا مانع من أن يكون بعض منهم في بعض (١) المقامات يعتقد كون التعدّي واجبا غير قياس ، ويكون أخطأ في اعتقاده ، لكنّ الأصل في
__________________
(١) في (د ٢) : بعض من.