والتجاوز ، وأنّه لو لم يتحقّق لم يجب الأغسال الثلاثة ، فلاحظ! فبهذا تطابقت الأخبار كلّها ، وتوافقت مع الفتاوى أيضا.
وأمّا الجواب عن الأخيرتين ، فلأنّهما تقتضيان أنّ مطلق المستحاضة عليها الأغسال الثلاثة ، ولم يقولوا به ، فظاهرهما لم يقل به أحد ، وهذا ممّا يمنع الاستدلال عند هؤلاء المستدلّين (١).
مع أنّه إن قالوا بأنّه خرج ما خرج بالدليل وبقي الباقي ، ففيه ؛ أنّ المتوسّطة خرجت بما عرفت من الأدلّة ، سيّما بعد ملاحظة أنّ المتوسّطة من الفروض النادرة ، فلا ينصرف الإطلاق إليها البتة ، فلا ضرر من الإطلاق أصلا ، مع أنّ القليلة من الأفراد المتعارفة ، ومع ذلك ليست داخلة في هذه الإطلاقات ، فما ظنّك بالنادرة؟
مع أنّ لفظ المستحاضة بحسب اللغة ظاهر في الكثيرة ، فإنّهم يقولون : المستحاضة من يسيل دمها من العرق العاذل (٢) ، والظاهر أنّه لأجل هذا ورد الإطلاقات ، مضافا إلى أنّ المطلق من كلّ شيء ربّما ينصرف إلى الفرد الكامل.
واعلم! أنّ المتوسّطة تمتاز عن القليلة إذا كان الغمس قبل صلاة الفجر ، وأمّا إذا كان بعدها فهي كالقليلة سوى وجوب تغيير الخرقة.
وأمّا الاستحاضة الكثيرة ؛ فظهر ممّا ذكرنا حكمها ، وأنّها تجمع بين الظهر والعصر بغسل ، وبين المغرب والعشاء بغسل ، وتصلّي الصبح بغسل ، ولا نزاع في ذلك ، لكن هل يجب الوضوء معها ويتعدّد بتعدّدها أو يتعدّد بتعدّد الصلوات؟
فجماعة على الاقتصار على الأغسال ، وظاهرهم وجوب الوضوء مع كلّ
__________________
(١) في (د ٢) و (ز ٣) : المائلين.
(٢) لاحظ! الصحاح : ٣ / ١٠٧٣ ، مجمع البحرين : ٤ / ٢٠١.