تكونون سواء مثل قوله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (١) أي ودّوا لو تدهن وودّوا لو تكفرون ، ومثله (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ) (٢) أي ودّوا لو تغفلون وودّوا لو تميلون ، ثم استثنى طائفة منهم فقال (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) أي يتصلون بقوم وينتسبون إليهم يقال : اتصل أي انتسب ، وفي قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من تعزى بعزاء الجاهلية فاعضوه» (٣) أي من ادعى بدعوى الجاهلية.
قال الأعشى :
إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل |
|
وبكر سبتها والأنوف رواغم (٤) |
أي إذا انتسب.
ويقال : (يَصِلُونَ) من الوصول أي يلحقون إليهم إلى قوم (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي عهد وهم [الأسلميون] وذلك إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وادع هلال بن عويمر الأسلمي عند خروجه إلى مكة على أن لا يعنيه ولا يعين عليه حتى أتى ويرى ، ومن وصل إلى هلال من قومه أو غيرهم ولجأ إليه فلهم من الجوار مثل الذي لهلال.
الضحاك عن ابن عباس : أراد بالقوم الذين بينهم وبينكم ميثاق. بني بكر بن زيد مناة وكانوا في الصلح والهدنة وقوله (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي ضاقت صدورهم عن قتالكم ، وهم بنو مدلج جاءوا المؤمنين (أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) يعني من آمن منهم ، ويجوز أن يكون معناه إنهم لا يقاتلوكم ولا يقاتلون قومهم فعلم المؤمنون لا عليكم ولا عليهم ولا لكم.
وقال بعضهم : وبمعنى الواو. كأنه يقول : إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقت صدورهم عن قتالكم ، والقتال معكم ، وهم قوم هلال الأسلميون وبني بكر بن زيد [مناة] وقوله (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) أي قد حصرت ، كقول العرب أي ذهب [نظره] يريدون قد ذهب.
قال الفراء : سمع الكسائي بعضهم يقول : أصبحت فنظرت إلى ذات [البساتين].
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ) يعني سلط الله المشركين على المؤمنين عقوبة ونقمة.
(فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) عند القتال ، ويقال يوم فتح مكة فهم يقاتلوكم مع قومهم (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أي المسالمة والمصالحة (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) أي حجة في قتالهم ، وعلى دينهم فأمر الله رسوله بالكف عن هؤلاء (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) غيرهم.
__________________
(١) سورة القلم : ٩.
(٢) سورة النساء : ١٠٢.
(٣) مسند أحمد : ٥ / ١٣٦.
(٤) لسان العرب : ١١ / ٧٢٧.