فقالوا : يا رسول الله قد عرفنا أنه ثبت الأجر فكيف بقي الوزر؟ وهو بقي في سبيل الله.
فقال : «يثبت الأجر للغلام وبقي الوزر على والده ، وآتوا خطاب لأولياء اليتيم والأوصياء» (١) [٢٢٧].
وقوله تعالى : (الْيَتامى) فلا يتم بعد البلوغ ، ولكنه من باب الاستعارة ، كقوله : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (٢) ولا سحرة مع السجود ، ولكن سمّوا بما كانوا عليه قبل السجود ، وقوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) أي من كانوا يتامى (إِذا بَلَغُوا) و (آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) ، نظيره : (وَابْتَلُوا الْيَتامى) (٣) ، (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) يعني لا تستبدلوا مالهم الحرام عليكم بأموالكم الحلال لكم ، نظيره قوله : (لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) (٤) واختلفوا في معنى هذا التأويل وكيفيته : فقال سعيد بن المسيب والنخعي والزهري والسدي والضحاك : كان أولياء اليتامى وأوصيائهم يأخذون الجيد والرفيع من مال اليتامى ، ويجعلون مكانه الرديء والخسيس ، فربما كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من مال اليتيم ويجعل مكانها الشاة المهزولة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم ، فذلك تبدلهم فنهاهم الله تعالى عنها.
عطاء : لا تربح على يتيمك الذي عندك وهو غر صغير.
ابن زيد : كان أهل الجاهلية لا يورّثون النساء والصبيان ويأخذ الأكبر الميراث.
وقال ابن زيد : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ) لا يورثوهن شيئا فنصيبه من الميراث طيب وهذا الذي أخذه خبيث. مجاهد وباذان : لا تعجل الرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) أي مع أموالكم ، كقوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (٥).
وأنشد المفضل سلمة بن الخرشب الأنصاري :
يسدون أبواب القباب بضمر |
|
إلى عنن مستوثقات نقاب الأواصر (٦) |
أي مع عنن.
(إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) أي إثما عظيما ، وفيه ثلاث لغات :
__________________
(١) القرطبي : ٥ / ٨. وأسباب النزول : ٩٤ ، بتفاوت بالألفاظ.
(٢) سورة الأعراف : ١٢٠.
(٣) سورة النساء : ٦.
(٤) سورة المائدة : ١٠٠.
(٥) سورة آل عمران : ٥٢ ، وسورة الصف : ١٤.
(٦) تفسير القرطبي : ٥ / ١٠ ، لسان العرب : ٤ / ٢٣.