(١٩٢) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (١٩٤) فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (١٩٥))
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) في أمر محمد صلىاللهعليهوسلم لتبيّننه للناس ولا يكتمونه. قرأ عاصم وأبو عمر وأهل مكة : بالياء فيهما واختاره أبو عبيد.
الباقون : بالتاء واختاره أبو حاتم ، فمن قرأ بالتاء فعلى إضمار القول ، أي قال : ليبيننه ، ودليله قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ) (١) ومن قرأ بالياء فلقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) طرحوه وضيعوه وتركوا العمل به.
(وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) يعني المأكل (فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ).
قال قتادة : هذا لميثاق الله أخذ على أهل مكة ممّن علم شيئا فليعلّمه ، وإيّاكم وكتمان العلم فإنه هلكة.
وقال محمد بن كعب : لا يحل لعالم أن يسكت على علمه ولا لجاهل أن يسكت على جهله ، قال الله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) الآية ، وقال : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢).
ثابت بن البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قال : لو لا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ، ثم تلا هذه الآية (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ).
أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كتم علما عن أهله ألجم يوم القيامة لجاما من نار» (٣).
وعن الحسن بن عمارة قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألقيته على بابه فقلت : إن رأيت أن تحدثني؟ فقال : أما علمت أني قد تركت الحديث فقلت : إما أن تحدثني وإما أن أحدثك. فقال : حدثني. فقلت : حدثني الحكم ابن عيينة عن نجم الجزار قال : سمعت عليا عليهالسلام يقول : «ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا» قال : فحدثني بأربعين حديثا (٤).
__________________
(١) آل عمران : ١٨١.
(٢) سورة النحل : ٤٣.
(٣) كنز العمال : ١٠ / ١٩١.
(٤) تفسير مجمع البيان : ٢ / ٤٦٧.