وروى سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان قال : دخلنا على زيد بن أرقم فقلنا له : لقد صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصليت خلفه؟ قال : نعم ، وإنه خطبنا فقال : «إني تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة» [١٣٤] (١).
وروى عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله يقول : «يا أيها الناس إني قد تركت فيكم خليفتين إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي ، أحد هما أكبر من الآخر كتاب الله جل جلاله من السماء وعترتي أهل بيتي ، ألا وإنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض» [١٣٥] (٢).
فقال مقاتل بن حيان : (بِحَبْلِ اللهِ) أي بأمره وطاعته.
أبو العالية : بإخلاص التوحيد لله عزوجل. ابن زيد : بالإسلام.
(وَلا تَفَرَّقُوا) كما تفرقت اليهود والنصارى.
وروى الأوزاعي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن امتي ستفترق على اثنى وسبعين فرقة كلها في النار إلّا واحدة» فقيل يا رسول الله وما هذه الواحدة؟ قال فقبض يده ، وقال : «الجماعة» [١٣٦] ثم قرأ (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (٣).
وروى أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد : نحن حبل الله الذي قال الله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
أخبرني محمد بن كعب القرظي عن أبي سعيد : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله رضى لكم ثلاثا وكره لكم ثلاثا : رضى لكم أن تعبدوا (اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) وأن تعتصموا (بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) لمن ولّاه الله أمركم ، وكره لكم القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» (٤) [١٣٧].
وعن عبد الله بن بارق الحنفي عن سماك ـ يعني الحنفي ـ قال : قلت لابن عباس : قوم يظلموننا ويعتدون علينا في صدقاتنا ألا تمنعهم؟ فقال : لا يا حنفي أعطهم صدقتهم وإن أتاك أهدل الشفتين منتفش المنخرين ـ يعني زنجيا ـ فأعطه ، فنعم القلوص قلوص يأمن بها المرؤوس عروسه ووطنه ـ يعني امرأته ـ وقربة اللبن يا حنفي الجماعة الجماعة ، إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها أما سمعت قول الله : (جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
__________________
(١) المصنف ـ الكوفي ـ : ٧ / ١٧٦.
(٢) مسند أحمد : ٥ / ١٨٢. بتفاوت.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ٤٤.
(٤) أحكام القرآن للجصاص : ١ / ٢٨٥.