قالَ ابنُ سِيدَه : فَهَا فُؤَادُه كهَفَا ، ولم يُسْمَع له بمصْدَرٍ فأُراهُ مَقْلوباً.
وأَفْهَى الرَّجُلُ : قالَ رَأْيُهُ ، عن ابنِ الأعرابي.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
فَهَا : إذا فَصُحَ بعْدَ عُجْمةٍ.
والأَفْهاءُ : البُلْهُ ، عن ابنِ الأعْرابي.
[فيا] : ي فِي بالكَسْر : حَرْفُ جَرٍّ مِن حَرُوفِ الإضافَةِ.
قالَ سِيْبَوَيْه : أَمَّا فِي فهي للوِعاءِ ، تقولُ : هو في الجِرابِ وفي الكِيسِ ، وهو في بَطْنِ أمِّه ، وكذا هو في الغُلِّ لأنَّه جَعَلَه إذا أَدْخَلَه فيه كالوِعاءِ ، وكذا في القُبَّةِ وفي الدّارِ ، وإن اتّسَعْتَ في الكَلامِ فهي على هذا ، وإنّما تكونُ كالمَثَل يُجاءُ بها لمَا يُقارِبُ الشيء ، وليسَ مِثْله ، انتَهَى.
قال الميلاني في شرْحِ المُغْني للجاربردي : ومَعْنى الظَّرْفيةِ حلولُ الشيءِ في غيرِهِ حَقيقَةً نَحْو : الماءُ في الكُوزِ ، أَو مجازاً نَحْو : النّجاةُ في الصِّدْقِ ، انتَهَى.
وقالَ الجَوْهرِي : في حَرْفٌ خافِضٌ ، وهو للوِعاءِ والظَّرْف ، وما قُدِّرَ تَقْديرُ الوِعاة ، تقولُ : الماءُ في الإناءِ ، وزَيْدٌ في الدَّارِ ، والشّكُّ في الخَبَرِ ، انتَهَى.
وفي المِصْباح : وقوْلُهم : فيه عَيْبٌ إن أُرِيدَ النِّسْبَة إلى ذاتِه فهي حَقِيقَةٌ ، وإن أُرِيدَ النِّسْبَة إلى مَعْناه فمجازٌ ، الأوَّلُ كقَطْع يَدِ السّارِق والثاني كإِباقه.
وتَأْتي للظَّرْفَيْن : المَكاني : نَحْو قوْله تعالى : (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (١) ، والزّماني : نَحْو قوْلُه تعالى : (فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ) (٢).
والمُصاحَبةِ ، قيلَ : أَي بمعْنَى مَعَ كقوْلِه تعالى : (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) (٣) ، وقوْله تعالى : (فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ) (٤) ، أَي مَعَهم.
وقولُ المصنِّفِ فيمَا بَعْدَ وبمعْنَى مَعَ يُخالِفُه. وفي شرْحِ المنارِ لابنِ ملك : أَنَّ باءَ المُصاحَبةِ لاسْتِدامَةِ المُصاحَبَة ومَعَ لابْتِدائِها.
قالَ شيْخُنا : قوْلُهم : باء المُصاحَبَة بمعْنَى مَعَ يَعْنون في الجُملةِ لا مِن كلِّ وَجْهٍ لتَباينِ مَعْنى الاسْمِ والحَرْف ، وقد تَبعَ المصنِّفُ الجَمْهور فيمَا يَأْتي إذ قالَ في الباءِ وللمُصاحَبَةِ اهْبطُوا بسَلامِ ، أَي مَعَه ، فتأَمَّل.
والتَّعليلِ لمسلم ، نحْو قَوْله تعالى : (فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ) (٥) ، أَي لأَجْلِ ما أَفَضْتم.
والاسْتِعلاءِ : كقوْلِه تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) (٦) ، أَي عليها. وزَعَمَ يُونُس أنَّ العَرَبَ تقولُ : نَزَلْت في أَبيكَ ، يُرِيدُون عليه ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
وقال الميلاني : وقيلَ : إنَّها في الآيَةِ بمعْنَى الظَّرْفيَّة أَيْضاً للمُبالَغَةِ ، انتَهَى ، وقالَ عنترَةُ :
بَطَلٌ كأَنَّ ثِيابَه في سَرْحةٍ |
|
يُحْذى نِعالَ السِّبْتِ ليسَ بتَوْأَم (٧) |
أَي على سَرْحةٍ ، وجازَ ذلكَ مِن حيث كانَ مَعْلوماً أنَّ ثِيابَه لا تكونُ في داخِلِ سَرْحةٍ لأنَّ السَّرْحَة لا تُشَقُّ فتُسْتَوْدَع الثِّياب ولا غَيْرها ، وهي بِحالِها سَرْحَة ، وليسَ كذا ، قَوْلك فُلانٌ في الجَبَلِ لأنَّه قد يكونُ في غارٍ من أَغْوارِه ، أَو لِصْبٍ مِن لِصابِه فلا يلزمُ على هذا أَنْ يكونَ عليه ، أَي عالِياً فيه أَي الجَبَل ، ومثْلُه قولُ امرأَةٍ مِن العَرَبِ :
هُمُو صَلَبُو العَبْدِيَّ في جِذْع نَخْلةٍ |
|
فلا عَطَسَت شَيْبانُ إلَّا بأَجْدَعا (٨) |
أَي على جذْعِ نَخْلةٍ.
ومُرادَفةِ الباءِ : كقَوْلِه تعالى : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) (٩) ، أَي يُكَثِّرُكُم به ، نقلَهُ الفرَّاء ، وأَنْشَدَ :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٨٧.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٠٣.
(٣) سورة الأعراف ، الآية ٣٧.
(٤) سورة الأحقاف ، الآية ١٦.
(٥) سورة النور ، الآية ١٤.
(٦) سورة طه ، الآية ٧١.
(٧) من معلقته ، ديوانه ط بيروت ص ٢٧ واللسان والتهذيب وصدره في المغني ص ٢٢٤ برقم ٣٠٤.
(٨) اللسان وصدره من شواهد المغني رقم ٣٠٣ ، ونسبه بحاشيته لسويد أبي كاهل أو لقراد بن حنش.
(٩) سورة الشورى ، الآية ١١.