وإنَّ الأُلاءِ يَعْلَمُونَكَ مِنْهُمُ
قال ابنُ سِيدَه : وهذا يدلُّ على أنَّ أُولَى وأُولأ نُقِلَتا مِن أَسْماءِ الإشارَةِ إلى مَعْنى للذين (١) ، قالَ : ولهذا جاءَ فيهما المدُّ والقَصْرُ وبُنِي المَمْدودُ على الكَسْر.
لا واحِدَ له من لَفْظِه أَيْضاً ، أَو واحِدُه للمُذكَّر وذِهْ للمُؤَنَّثِ وتَدْخُلُه ها التَّنْبِيهِ ، تقولُ : هَؤُلاءِ.
قال أبو زيْدٍ : ومِن العَرَبِ مَنْ يقولُ : هَؤُلاءِ قَوْمُك ، ورأَيْت هَؤُلاءٍ ، فيُنَوِّن ويَكْسِرُ الهَمْزةَ ، قالَ : وهي لُغَةُ بَني عُقَيْلِ ؛ وتَلْحَقه كافُ الخِطابِ تقولُ : أُولئِكَ أُولاكَ ؛ قال الكِسائي : مَنْ قالَ أُولئِكَ فواحِدُه ذلكَ ، ومَنْ قالَ أُولاكَ فواحِدُ. ذاكَ ، وأُولالِكَ مِثْلُ أُولئِكَ ؛ وأَنْشَدَ يَعْقوبٌ :
أُولالِكَ قَوْمي لم يَكُونُوا أُشابةً |
|
وهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إلَّا أُولالِكا؟ (٢) |
واللامُ فيه زائِدَةٌ ، ولا يقالُ هَؤُلالِكَ ، وزَعَمَ سيبويه أنَّ اللامَ لم تُزَدْ إلَّا في عَبْدَلٍ وفي ذلكَ ولم يَذْكر أُولالِكَ إلَّا أَنْ يكونَ اسْتَغْنى عنها بقوله ذلك ، إذ أُولالِكَ في التَّقْديرِ كأنَّه جَمْع ذلك.
قال الجَوْهري : ورُبَّما قالوا أُولئِكَ في غَيْرِ العُقلاءِ ؛ قالَ محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ نميرٍ الثّقفي :
ذُمَّ المَنازِلَ بَعْدَ مَنْزِلة اللِّوَى |
|
والعَيْشَ بَعْدَ أُولئِكَ الأيَّامِ (٣) |
وقولهُ تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (٤). وأُلَّاكَ (٥) ، بالتَّشْديدِ ، لُغَةٌ في أُولئِكَ ؛ قالَ الراجزُ :
ما بينَ أُلَّاكَ إلى أُلَّاكَا (٦)
وأَما قولُهم : ذَهَبَتِ العَرَبُ الأُولَى (٧) ، كذا في النسخِ والصَّوابُ الأُلَى ، كما هو نَصُّ الصِّحاح ، قالَ : والأُولَى بوَزْنِ العُلَى ، هو أَيْضاً جَمْعٌ لا واحِدَ له من لَفْظِ ، واحِدُه الذي ؛ وأَمَّا قولُهم : ذَهَبَتِ العَرَبُ الأُلَى فَمقلوبُ الأَوَّلِ لأنَّه جَمْعُ أُولَى كأُخْرَى وأُخَرَ.
وفي التهذيبِ : الأُلَى بمعْنَى الذين ؛ ومنه قوله :
فإنَّ الأُلَى بالطَّفِّ مِن آلِ هاشِمٍ |
|
تأسَّوْا فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا |
قال : وأَتى به زِيادٌ الأعْجَم نَكِرَة بغَيْرِ أَلفٍ ولامٍ في قولهِ :
فأَنْتُم أُلَى جِئْتُمْ مَعَ البَقْلِ والدَّبى |
|
فَطارَ وهذا شَخْصُكُم غَيْرُ طائِرِ (٨) |
وأَنْشَدَ ابنُ برِّي شاهِدَ الأُلى :
رأَيتُ مَواليَّ الأُلى يَخْذلُونَني |
|
على حَدَثانِ الدَّهْرِ إذ يَتَقَلَّبُ |
قالَ : فقولُه : يَخْذلُونَني مَفْعولٌ ثانٍ أَو حالٌ ليسَ بصِلَةٍ ؛ وقالَ عبيدُ بنُ الأبْرَصِ :
نحْنُ الأُلَى فاجْمَعْ جُمو |
|
عَكَ ثم وجِّهْهُمْ إلَيْنا (٩) |
قال : وعليه قولُ أَبي تمامٍ :
مِنْ أَجْلِ ذلكَ كانتِ العَرَبُ الأُلَى |
|
يَدْعُونَ هذا سُودَداً مَحْدُودا |
وقال صاحِبُ اللِّسان : وَجَدْتُ بخطِّ الشّيْخ رَضِيّ الدِّين الشَّاطِبي قالَ : وللشَّريفِ الرِّضِيِّ يَمْدحُ الطَّائِع :
__________________
(١) في اللسان : الذين.
(٢) في القاموس «وأُولَى» وكتب مصححه على هامشه : «الصواب «أُلَى» كهدى كما هو نص الصحاح» والذي في الصحاح «أُولَى» كالقاموس.
(٣) الصحاح ، وفي اللسان : «ألالك ... إلا ألالكا». اللسان والصحاح.
(٤) سورة الإسراء ، الآية ٣٦ ، وفي الآية «عنه».
(٥) في القاموس : «وأُولَّاكَ».
(٦) في القاموس : ما بينَ أُولَّاكَ إلى أولّاكَا.
(٧) في القاموس : «الأُلَى» وفي الصحاح : الأُولَى.
(٨) شرح ديوان الحماسة للتبريزي ٤ / ٥٣ واللسان.
(٩) ديوانه ط بيروت ص ١٤٢ برواية : نحن الأولى جمّع جموعاً ... والمثبت كرواية اللسان.