وتأْتي للابْتِداءِ بها كمن ، قال الشَّاعرُ :
تقولُ وقد عالَيْتُ بالكُوزِ فَوْقَها |
|
أَتُسْقَى فلا تَرْوَى إليَّ ابنُ أَحْمَرَا (١) |
أَي مِنِّي.
وتأْتي لمُوافَقَةِ عِنْدَ : يقالُ : هو أَشْهى إليَّ مِن الحَياة ، أَي عِنْدِي ؛ وقال الشَّاعرُ أَنْشَدَه الجَوْهرِي :
أَمْ لا سَبِيلَ إلى الشَّبابِ وذِكْرُهُ |
|
أشْهَى إليَّ مِن الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ |
(٢) ومثْلُه قولُ أَوْس :
فهَلْ لكُم فيها إليَّ فإنَّني |
|
طَبِيبٌ بما أَعْيا النِّطاسِيَّ حِذْيَما (٣) |
وقال الرَّاعي :
يقالُ إذا رادَ النِّساءُ خَريدةٌ |
|
صَناعٌ فقد سادَتْ إليَّ الغَوانِيا (٤) |
أي عِنْدِي.
وتأْتي للتَّوْكيدِ وهي الزائدةُ كقوله تعالى : فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (٥) بفَتْح الواوِ ، أَي تَهْواهُم ، وهذا على قولِ الفرَّاء وغيرِه ؛ واخْتارَ غيرُه أَنَّ الفِعْلَ ضُمِّنَ مَعْنى تمِيلُ فعُدِّي بما يَتَعَدَّى به ، وهو إلى ، وقد تقدَّمَ في هوي مَبْسوطاً. وأَوْرَدَه ابنُ جنِّي في المحتسبِ وبَسَطَه. وقولُهم : إليكَ عنِّي : أَي أَمْسِكْ وكُفَّ. وتقولُ : إليكَ كذا وكذا : أَي خُذْهُ ؛ ومنه قولُ القُطامي :
إذا التَّيَّارُ ذو العضلاتِ قُلْنا |
|
إلَيْكَ إلَيْك ضاقَ بها ذِراعا (٦) |
وإذا قالوا : اذْهَبْ إلَيْك فإنَّ مَعْناه : أَي اشْتَغِلْ بِنَفْسِكَ وأَقْبِل عليها ؛ ومنه قولُ الأعْشى :
فاذْهَبي ما إلَيْكِ أَدْرَكَني الحِلْ |
|
مُ عَداني عن هَيْجِكُم إشْفاقي (٧) |
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
قالوا إلَيْك إذا قُلْتَ تَنَحَّ ؛ قال سيبويه : وسَمِعْنا مِن العَرَبِ مَنْ يُقالُ له إلَيْك ، فيقولُ إليّ ، كأَنَّه قيلَ له تَنَحَّ ، فقالَ : أَتَنَحَّى ، ولم يُسْتَعْمل الخَبَرُ في شيءٍ مِن أَسْماءِ الفِعْل إلَّا في قولِ هذا الأعْرابي. وفي حديثِ الحجِّ : ولا إلَيْكَ ، مَعْناه تَنَحَّ وابْعُدْ ، وتَكْريرُه للتّأْكِيدِ ؛ وأَمَّا قولُ أَبي فِرْعَون يَهْجو نَبطِيّة اسْتَقاها ماءً :
إذا طَلَبْتَ الماءَ قالَتْ لَيْكَا
(٨) فإنّما أَرادَ إلَيْكَ ، أَي تَنَحَّ ، فحذفَ الألفَ عجمة وفي الحديثِ : «اللهُمَّ إلَيْكَ» ، أَي أَشْكُو إلَيْكَ ، أو خُذني ، إلَيْكَ.
وقولُهم : أَنا مِنْك وإلَيْك ، أَي انْتِمائي إلَيْك ؛ وقولُ عَمْرو :
إلَيْكُم يا بَني عَمْرٍو إليْكُم |
|
أَلَمَّا تَعْلَموا مِنَّا اليَقِينا؟ |
قال ابنُ السكِّيت : مُعناه اذْهَبُوا إلَيْكُم وتَباعَدُوا عَنَّا.
__________________
(١) من شواهد القاموس ، وفي القاموس :
بالكُورِ فوقها |
|
أيسقى فلا يروى إليّ ابن احمرا |
وعلى هامشه عن نسخة :
أَتُسْقَى فلا تَرْوَى إليّ ابنَ أَحْمَرَا
والبيت من شواهد المغني ، الشاهد ١١٩ ص ١٠٥ ونسبه بحاشيته لعمرو بن أحمر الباهلي.
(٢) البيت من شواهد القاموس ، ومن شواهد المغنى الشاهد ١٢٠ ونسبه محققه لأبي كبير الهذلي ، انظر ديوان الهذليين ٢ / ٨٩.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١١ وانظر تخريجه فيه ، واللسان.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٨٢ برواية :
ثقالٌ إذا راد النساء خريدة
وانظر تخريجه فيه ، والمثبت كاللسان ، وعجزه في الصحاح.
(٥) سورة إبراهيم ، الآية ٣٧.
(٦) اللسان والتهذيب والتكملة.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٦٤ برواية : «... عن ذكركم أشغالي» فالبيت في قصيدة لامية وقبله :
باكرتها الأغراب في سنة النو |
|
م فتجري خلال شوك السيالِ |
والبيت في التكملة ، والمثبت كرواية اللسان والتهذيب.
(٨) اللسان وبعده :
كأن شفريها إذا ما احتكا |
|
حرفاً برامٍ كسرا فاصطكا |