وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ؛ وناصِبُها شَرْطُها أَو ما في جَوابِها مِن فِعْلٍ أَو شِبْهِهِ.
وأَمَّا إذْ فإنّه لمَا مَضَى من الزّمانِ ؛ وقد ذُكِرَ في حرْفِ الذالِ مُفَصَّلاً.
وقد تكونُ إذا (٢) للمُفاجَأَةِ ولا يَلِيها إلَّا الفِعْلُ الواجِبُ وهي التي تكونُ بعْدَ بَيْنا وبَيْنما تقولُ : بَيْنما أَنا كذا إذْ جاءَ زَيْدٌ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ جنِّي للأفْوه الأوْدي :
بَيْنما الناسُ على عَلْيائِها إذْ |
|
هَوَوْا في هُوَّةٍ فيها فَغَارُوا (٣) |
قال : إذ هنا غَيْرُ مُضافَةٍ إلى ما بعْدَها كإذا التي للمُفاجَأَةِ ، والعامِل في إذْ هَوَوْا.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
قد تَجِيءُ إذْ للمُسْتَقْبَل ، ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا) (٤) ، معناه ولَوْ تَرى إذْ يَفْزعُونَ يَوْم القِيامَةِ.
قال الفرَّاءُ : وإنَّما جازَ ذلكَ لأنَّه كالواجِبِ إذْ كانَ لا يُشَكُّ في مَجِيئِه ، والوجه فيه إذا.
وأَمَّا إذا المَوْصولَةُ بالأوْقاتِ فإنَّ العَرَبَ تَصِلُها في الكتابَةِ بها في أَوْقاتٍ مَعْدودَةٍ في حينَئِذٍ ويَومَئِذٍ ولَيْلتَئِذٍ وغَداتَئِذٍ وعَشيَّتَئِذٍ وساعَتَئِذٍ وعامَئِذٍ ، ولم يقولوا : الآنئِذٍ لأنَّ الآنَ أَقْرَب ما يكون في الحالِ ، فلمَّا لم يتحوَّل هذا الاسْمُ عن وقْتِ الحالِ ولم يتباعَدْ عن ساعَتِك التي أنْتَ فيها لم يتمكن ولذلكَ نُصِبَت في كلِّ وجْهٍ.
وإذْ يَقَعُ مَوْقِعَ إذا ، وإذا يَقَعُ موقِعَ إذ ، كقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) (٥) ، مَعناهُ إذا ، لأنَّ هذا الأمْرَ مُنْتَظَرٌ لم يَقَع ؛ وقال أَوْسٌ في إذا بمعْنَى إذْ :
الحافِظُو الناسِ في تَحُوطَ إذا |
|
لم يُرْسِلُوا تَحْتَ عائِذٍ رُبَعا (٦) |
أَي إذْ لم يُرْسِلوا. وقال آخرُ :
ثم جَزاهُ الله عنَّا إذْ جَزَى |
|
جَنَّاتِ عَدْنٍ والعلالي العُلا (٧) |
أَرادَ : إذا جَزَى.
قال الجَوْهري : وقد تُزادَانِ جَمِيعاً في الكلامِ كقوله تعالى : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى) (٨) ، أَي وعدنا ، وقال عبدُ مناف الهَذَلي :
حتى إذا أَسْلَكُوهم في قُتَائِدةٍ |
|
شلًّا كما تَطْرُدُ الجمَّالةُ الشُّرُدا (٩) |
أَي حتى أَسْلَكُوهم في قُتائِدةٍ لأنَّه آخِرَ القَصِيدَةِ ، أَو يكونُ قد كَفَّ عن خَبَرِه (١٠) لعِلْم السَّامع.
قال ابنُ برِّي : جوابُ إذا مَحْذوف وهو الناصِبُ لقوله : شَلًّا ، تَقْديرُه شَلُّوهم شَلًّا.
وإذاً مُنوَّنة : جوابٌ وجَزاءٌ وعَمَلُها النَّصْب في مُسْتَقْبل غَيرْ مُعْتمد على ما قَبْلها كقولك لمَنْ تقول : أَنا أُكْرِمُك إذاً أَجِيئك ، وإنَّما تَعْملُ إذا بشَرْطَين : أَحَدُهما : أَنْ يكونَ الفِعْلُ مُسْتقبلاً لكَوْنهِ جواباً وجَزاءً. والجَزاءُ لا يمكنُ إلَّا في الاسْتِقْبالِ ؛ وثانيهما : أَنْ لا يَعْتمدَ ما بعْدَها على ما قَبْلها ويُبْطِل عَمَلُها إذا كانَ الفِعْلُ المَذْكور بعْدَها حالاً لفقْدِ أَحَد الشَّرْطَيْن المَذْكُورَيْن كقولكِ لِمَنْ حَدَّثك : إذاً أَظنّك كاذباً. وكذا إذا كانَ الفِعْلُ بعْدَها مُعْتمداً على ما قَبْلها لفقْدِ الشّرْطِ الثاني كقولك لمَنْ قال أَنا آتِيك : أَنا إذا أَكْرِمك ، وتُلْغِيها أَيْضاً إذا فُقِدَ الشَّرْطانِ جَميعاً كقولك لمَنْ حَدَّثك : أَنا إذاً أَظنّك كاذباً.
__________________
(١) الآية الأولى من سورة النجم.
(٢) كذا بالأصل ، والسياق يقتضي «إذ» موافقاً لما في اللسان والصحاح ولما سيأتي بعد.
(٣) اللسان.
(٤) سورة سبأ ، الآية ٥١.
(٥) سورة الأنعام ، الآية ٩٣.
(٦) ديوان أوس بن حجر ط بيروت ص ٥٤ وفيه «والحافظ الناس» والمثبت كرواية التهذيب «إذ ، ١٥ / ٥٠» واللسان وبالأصل «عائد».
(٧) اللسان والتهذيب بدون نسبة.
(٨) سورة البقرة ، الآية ٥١.
(٩) ديوان الهذليين ٢ / ٤٢ واللسان والصحاح.
(١٠) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : عن خبره كذا في الصحاح ، والمراد به الجزاء».