أَي تَرَكَ وَجْهَه الذي كانَ يُرِيدُه وسَقَطَ لما أَنْ صَرَعْتُه ، وضلَّ الموضِعَ الذي كانَ يَقْصِدُه مِن الدَّهَشِ برَوْقِه ؛ واقْتَصَرَ الجَوْهرِي على الكَسْر ، والضم عن الصَّاغاني.
والهَدْيُ ، والهَدْيَةُ ، ويُكْسَرُ : الطَّريقةُ والسِّيرةُ. يقالُ : فلانٌ يَهْدِي هَدْيَ فلانٍ ، أَي يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِه ويَسِيرُ سِيرَتَه.
وفي الحديثِ : «واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ ، أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه.
وما أَحْسَنَ هَدْيَه : أَي سَمْتَه وسُكونَه.
وهو حَسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ : أَي الطَّريقَةِ والسِّيرةِ ؛ وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ.
وقال أَبو عدنان : فلانٌ حَسَنُ الهَدْي ، وهو حُسْنُ المَذْهب في أُمُورِه كُلّها ؛ وقال زيادُ بنُ زَيْدٍ العَدويُّ :
ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه |
|
كفى الهَدْيُ عمَّا غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا (١) |
وقال عِمْرانُ بنُ حِطَّان :
وما كُنْتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ |
|
وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ (٢) |
وقيلَ : هَدْيٌ وهَدْيَةٌ ، مِثْلُ تَمْرٍ وتَمْرَةٍ.
ومِن المجازِ : الهادِي : المُتقدِّمُ مِن كلِّ شيءٍ ، وبه* سُمِّي العُنُقُ هادِياً لتَقدُّمِه على سائِرِ البَدَنِ ؛ قال المُفَضَّل اليَشْكري (٣) :
جَمُومُ الشَّدِّ شائِلةُ الذُّنابَى |
|
وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ |
والجَمْعُ : الهوادِي (٤). يقالُ : أَقْبَلَتْ هَوادِي الخَيْلِ إذا بَدَتْ أَعْناقُها.
ومِن المجازِ : الهَوادِي من اللَّيلِ : أَوائِلُه لتَقَدُّمِها كتَقَدُّمِ الأعْناقِ ؛ قالَ سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَلِيُّ :
دَفَعْتُ بكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ |
|
هَوادِي ظَلام الليلِ فالظِّلُّ غامِرُهْ |
ويقالُ : الهَوادِي مِن الإبلِ : أَوَّلُ رَعِيلٍ يَطْلُعُ منها ، لأنَّها المُتَقدِّمَةُ ، وقد هَدَتْ تهْدِي إذا تَقَدَّمَتْ.
ومِن المجازِ : الهَدِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : ما أُتْحِفَ به.
قال شيْخُنا : ورُبَّما أَشْعَر اشْتراط الإتْحافِ ما شَرَطه بَعْض مِن الإكْرامِ.
وفي الأساس : سُمِّيَت هَدِيَّةً لأنَّها تقدّمٌ أَمامَ الحاجَةِ.
ج هَدايَا ، على القِياسِ أَصْلُها هَدايي ، ثم كُرِهَتِ الضمَّةُ على الياءِ فقيلَ هَدايْ ثم قُلِبَت الياءُ أَلفاً اسْتِخْفافاً لمَكانِ الجَمْع فقيلَ هَداآ ، ثم كَرِهوا هَمْزَةً بينَ أَلِفَيْن فصَوَّرُوها ثلاثَ هَمْزاتِ فأَبْدَلوا مِن هَمْزَةً بنَ أَلِفَيْن فصَوَّرُوها ثلاثَ هَمْزاتِ فأَبْدَلوا مِن الهَمْزةِ ياء لخفَّتِها ومَنْ قالَ هَدَاوَى أَبْدَلَ الهَمْزةَ واواً (٥) ، هذا كُلّه مَذْهَبُ سِيبَوَيْه. وتُكْسَرُ الواوُ وهو نادِرٌ. وأَمَّا هَداوٍ فعلى أنَّهم حَذَفُوا الياءَ مِن هَداوِي حَذْفاً ثم عوِّض منها التَّنْوين.
وقالَ أَبو زِيْدٍ : الهَداوَى لُغَة عُلْيا مَعَدٍّ ، وسُفْلاها الهَدايَا.
وأَهْدَى له الهديَّةَ وإليه وهَدَّى (٦) ، بالتَّشْديدِ ، كُلُّه بمعْنى ، ومنه قولهُ :
أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي (٧)
قالَ الباهِلِيُّ : هَدَّى على التَّكْثيرِ أَي مَرَّة بَعْد مَرّة ، وأَهْدَى إذا كانَ مَرَّةً واحِدَةً ؛ وأَمَّا الحديثُ : «مَنْ هَدَى زُقاقاً كانَ له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ» ، فيُرْوَى بالتّخْفيفِ مِن هِدايَةِ الطَّريقِ ، أَي مَنْ عَرَّفَ ضالًّا أَو ضَرِيراً طَرِيقَه ؛ ويُرْوَى بالتَّشْديدِ ، وله مَعْنيانِ : أَحَدُهما المُبَالَغَةُ من الهِدايَةِ ، والثاني مِن الهَدِيَّةِ أَي مَنْ تَصَدَّق بزُقاقٍ مِن النَّخْل ، وهو السِّكَّةُ والصَّفُّ مِن أَشْجارِه.
__________________
(١) اللسان والتهذيب ، وفي اللسان : «زيادة» بدل «زياد».
(٢) ديوان شعر الخوارج ص ١٧٣ واللسان والتهذيب.
(٣) اللسان : النكري.
(*) مشار اليها بالأصل انها من القاموس وهي ليست كذلك.
(٤) في القاموس : «والهوادِي : الجمعُ».
(٥) بالأصل «واو».
(٦) في القاموس : وهَدَّاها.
(٧) البيت لأبي خراش كما في الأساس. وهو في شعره في ديوان الهذليين ٢ / ١٢٥ وصدره :
لقد علمت أم الأديبر أنني
وعجزه في اللسان والتهذيب بدون نسبة.