وفي الصِّحاح : قالَ الأصْمعي كانتِ العَرَبُ إذا ماتَ فيهم مَيِّتٌ له قَدْر رَكِبَ راكِبٌ فَرساً وجَعَلَ يَسِيرُ في النَّاس ويقولُ : نَعَاء فلاناً ، كقطامِ ، أَي انْعَهْ ، بكسْر الهَمْزةِ ، وفتح العينِ ، وأظْهِرْ خَبَرَ وَفاتِه ، وهي مَبْنِيَّة على الكَسْر مِثْل دَراكِ ونزالِ بمعْنَى أَدْرِكْ وانْزِلْ. وفي الحديثِ : يا نَعاءَ العَرَبِ ، أَي انْعهِم ؛ وأنْشَدَ أَبو عبيدٍ للكُمَيْت :
نَعاءِ جُذاماً غَيْرَ مَوْتٍ ولا قَتْلِ |
|
ولكِنْ فِراقاً للدَّعائِم والأَصْلِ (١) |
وقال ابنْ الأثير : قولُهم يا نَعاءَ العَرَبِ مع حَرْف النِّداء تَقْديرُه يا هذَا انْعَ العَرَبَ.
وممَّا يُسْتَدركُ عليه :
اسْتَنْعَوْا في الحَرْبِ : مِثْل تَنَاعَوا ونَعَى فلان : طَلَبَ بثَارِه.
ونَعَى عليه الشيءَ يَنْعاهُ : قَبَّحه وعابَهُ عليه ووَبَّخه ؛ ومنه حديثُ عُمَر : «إنَّ الله نَعَى على قوْم شَهَواتِهم ، أَي عابَ عليهم ونَعَى عليه ذُنُوبَه تَنْعِيةً : مثْلُ نعى ، حَكاهُ يَعْقوب في المُبْدلِ.
وقال أَبو عَمْرٍو : يقالُ : أَنْعَى عليه ونَعَى عليه شيئاً قَبيحاً إذا قالَهُ تَشْنيعاً عليه ؛ وقولُ الأَجْدع الهَمَداني :
خَيْلانِ مِنْ قَوْمي ومِن أَعْدائِهِمْ |
|
خَفَضُوا أَسِنَّتَهم فكلُّ ناعِي (٢) |
قال الجَوْهري : قالَ الأصْمعي : هو مِن نَعَيْتُ ، أَي كلٌّ يَنْعى مَنْ قُتِلَ له ؛ وقيلَ مَعْناه : وكُلٌّ نائِعٌ أَي عَطْشان إلى دَم صاحِبِه فقَلَبه.
وفي حديث شدَّاد بنِ أَوْس : «يا نَعايا العَرَب ، إنَّ أَخْوَف ما أَخافُ عَلَيْكم الرِّياء والشَّهْوَةَ الخَفِيَّةَ ، وفي رِواية : يا نُعْيانَ العَرَبِ.
قالَ الزَّمَخْشري (٣) : في نَعايا ثلاثَةُ أوْجُهٍ : أَحَدُها أَنْ يكونَ جَمْعَ نَعِيٍّ ، وهو المَصْدَرُ كصَفِيٍّ وصَفايا ؛ والثاني : أَنْ يكونَ اسْمَ جَمْعٍ كما جاءَ في أَخِيَّةٍ وأَخايا ؛ والثالثُ : أَن يكونَ جَمْعَ نَعاءٍ التي هي اسْمُ الفِعْل ، والمَعْنى يا نَعايا العَرَب جِئْنَ فهذا وقْتكنَّ وزَمانكُنَّ ، يريدُ أَنَّ العَرَبَ قد هَلكَتْ. والنُّعْيان مَصْدَرٌ بمعْنَى النَّعْي.
قالَ الأزْهري : ويكونُ النّعْيان جَمْع الناعِي ، كما يقالُ لجمْعِ الرَّاعِي رُعْيان ، قالَ وسَمِعْتُ بعضَ العَرَبِ يقولُ لخَدَمِه : إذا جَنَّ عليكم اللّيْلُ فثَقِّبوا النِّيرانَ فوْقَ القيروان (٤) تَضْوي إليها رُعْيانُنا ونُعْيانُنا (٥) ؛ قالَ : وقد يُجْمَع النَّعِيُّ نَعايا ، كما يُجْمَع المَرِيُّ من النُّوقِ مَرايا ، والصَّفِيُّ صَفايا.
وقالَ الأحْمر ذَهَبَتْ تمِيمٌ فلا تُنْعى (٦) ولا تُشْهَر ، أَي لا تُذْكَر.
والناعِي : المُشِيعُ ، والجمْعُ نُعاةٌ.
واسْتَنْعَى ذِكْرُ فلانٍ : شاعَ.
وقال الأصْمعي : اسْتَنْعى بفلانٍ الشَّرّ إذا تَتابَعَ به الشَّرَّ.
واسْتَنْعَى به حُبّ الخَمْر : إذا تَمادَى به ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
والإِنْعاءُ : أنْ تَسْتَعيرَ فَرَساً تُراهِنُ عليه وذِكْرُه لصاحِبِه ؛ حَكاهُ ابنُ دُرَيْدٍ ؛ وقالَ : لا أَحُقُّه.
[نغي] : ي نَغَى آليه ، كرَمَى ، نَغْياً : إذا تكلَّمَ بكَلامٍ يُفْهَمُ.
وفي المُحْكم : نَغَى إليه نَغْيةً ، قالَ له قولاً يَفْهَمُه عنه.
كأَنْغَى ؛ عن ابنِ الأعْرابي. وفي قولِ سيِّدِنا عليٍّ ،
__________________
(١) اللسان والتهذيب والمقاييس ٥ / ٤٤٧.
(٢) اللسان ، والصحاح ولم ينسبه.
(٣) انظر الفائق ٣ / ١٠٩.
(٤) في التهذيب : الآكام.
(٥) في اللسان والتهذيب : وبغياننا.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فلا انتهى الخ كذا بخطه ، وعبارة الأساس : ويقال : ذهبت تميم فلا تُسهى ولا تُنهى ولا تُنعى أي لا تبلغ نهايتها كثرة ولا يرفع ذكرها» وانظر عبارة التهذيب نقلاً عن الأحمر قريبة من عبارة الأساس.