تَفَرَّقوا عنه فليسَ بنَدِيّ ، كما في المُحْكم والصِّحاح.
وفي التّهذيب : النادِي : المَجْلسُ يَنْدُونَ إليه (١) مِن حَوالَيْه ، ولا يُسمَّى نادِياً حتى يكونَ فيه أَهْلُه ، وإذا تَفَرَّقُوا لم يكُنْ نادِياً. وفي التَّنْزيلِ العزيزِ : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) (٢) ؛ وقيلَ : كانوا يَحْذِفُونَ الناسَ في المَجالِسِ فأعْلَم الله تعالى أنَّ هذا مِن المُنْكر ، لأنَّه لا يَنْبَغي أَن يَتَعاشَرُوا عليه ولا يَجْتَمِعُوا على الهُزءِ والتَّلَهِّي ، وأن لا يَجْتَمِعُوا إلَّا فيمَا قرَّبَ مِن الله وباعَدَ مِن سَخَطِه.
وفي حديثِ أَبي زَرْع : «قرِيبُ البَيْتِ مِن النادِي ، أَي أنَّ بيتَه وسَطَ الحلَّةِ أَو قرِيباً منه لتَغْشاهُ الأضْيافُ والطُّرَّاقُ.
وفي حديثِ الدُّعاء : «فإنَّ جارَ النادِي يَتَحَوَّل» ، أَي جارَ المَجْلِس ، ويُرْوَى بالباءِ الموحَّدَةِ من البَدْوِ. وفي الحديثِ : «واجْعَلْنِي في النَّدِيِّ الأعْلَى» ، أَي مع المَلإِ الأعْلَى مِن الملائِكَةِ. وقولُ بِشْر بنِ أَبي خازم :
وما يَنْدُوهُم النادِي ولكنْ |
|
بكلِّ مَحَلَّةٍ مِنْهُمْ فِئامُ (٣) |
أَي ما يَسْمَعُهُمْ ، كذا في النُّسخ والصَّوابُ ما يَسَعُهُم* المَجْلِسُ مِن كثْرتِهم ؛ كما في الصِّحاحِ ؛ والاسْمُ النَّدْوةُ.
ومِن المجازِ : تَنَدَّى فلانٌ على أَصْحابهِ : إذا تَسَخَّى ، ولا تَقُلْ نَدَّى ، كما في الصِّحاح.
وأَيْضاً : أَفْضَلَ عليهم ، كأَنْدَى إذا كَثُر نَداهُ على إخْوانِه ، أَي عَطاؤُهُ ، فهو نَدِيُّ الكَفِّ ، كغَنِيٍّ ، إذا كانَ سَخِيًّا ، نقلَهُ الجَوْهرِي عن ابن السِّكِّيت ؛ قالَ تأبَّطَ شرًّا :
يابِسُ الجَنْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ بُؤسٍ |
|
ونَدِي الكَفَّيْنِ شَهْمٌ مُدِلُّ |
وحكَى كُراعٌ نَدِيُّ اليَدِ ، أَباهُ غيرُهُ. والنَّدَى ، بالفتح مَقْصورٌ ، على وُجُوهٍ فمنها : الثَّرى ، وأَيْضاً : الشَّحْمُ ، وأَيْضاً المَطَرُ ، وقد جَمَعَهما عمرو بنُ أحْمَرْ في قوْلهِ :
كثَوْر العَذاب الفَرْدِ يَضْرِبهُ النَّدَى |
|
تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنهِ وتَحَدَّرا (٤) |
فالنَّدَى الأوَّل المَطَرُ ، والثَّاني الشَّحْمُ.
وقالَ القتيبيُّ : النَّدَى المَطَرُ والبَلَلُ.
والنَّدَى : الكَلأُ.
وقيلَ للنَّبْتِ : نَدًى لأنَّه عن نَدَى المَطَرِ يَنْبتُ ؛ ثم قيلَ للشَّحْم : نَدًى لأنَّه عن نَدَى النَّبْت يكونُ ، واحْتَجَّ بقولِ ابنِ أحْمر السابق.
قُلْتُ : فالنَّدَى بمعْنَى الشَّحْمِ على هذا القولِ مِن المجازِ ؛ وشاهِدُ النَّدَى للنَّباتِ قولُ الشاعرِ :
يَلُسُّ النَّدَى حتى كأَنَّ سَراتَه |
|
غَطاها دِهانٌ أَو دَيابِيجُ تاجِرِ |
وقال بِشْر :
وتِسْعةُ آلافٍ بحُرِّ بلادِهِ |
|
تَسَفُّ النَّدَى مَلْبُونة وتُضَمَّرُ (٥) |
قالوا : أَرادَ بالنَّدَى هنا الكَلأَ.
والنَّدَى : شيءٌ يُتَطَيَّبُ به كالبَخورِ ؛ ومنه عُودٌ مُنَدًّى : إذا فُتِق بالنَّدَى أَو ماء الوَرْد.
والنَّدَى : الغايَةُ مِثْل المَدَى ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي ؛ وزَعَم يَعْقوبُ أَنَّ نونَه بَدَلٌ مِن الميمِ.
قالَ ابن سِيدَه : وليسَ بشيءٍ.
ج أَنْدِيَةٌ وأنْداءٌ قدَّمَ غَيْر المقِيسِ على المَقِيس ، وهو خِلافُ قاعدَته.
قال الجَوْهرِي : وجَمْعُ النَّدَى أَنْداءٌ ، وقد يُجْمَعُ على
__________________
(١) كذا ، وفي التهذيب : يَنْدُو إليه مَنْ حواليه.
(٢) سورة العنكبوت ، الآية ٢٩.
(٣) المفضلية ٩٧ البيت ٢٤ واللسان والصحاح ، وجزء من صدره من شواهد القاموس.
(*) كما في هامش القاموس عن نسخة ثانية.
(٤) اللسان والصحاح والتهذيب.
(٥) اللسان وعجزه في الصحاح ولم ينسبه.