وكُلُّكُم حين يُنْثى عَيْبُنا فطِنُ (١)
وفي حديثِ الدُّعاء : «يا مَنْ تُنْثى عنْدَه بَواطِنُ الأَخْبارِ».
وفي حديثِ أَبي هالَةَ في صفَةِ مَجْلس رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم «ولا تُنْثى فَلَتاتُه» أَي لا تُشاعُ ولا تُذاعُ ، قالَ أبو عبيدٍ : مَعْناهُ لا يُتَحدَّثُ بتلْكَ الفَلَتاتِ ، وقال أحمدُ بنُ جَبَلة ... فيمَا أَخْبَر عنه ابنُ هاجَك : مَعْناه أنَّه لم يكُنْ لمجْلِسِه فَلَتات فَتُنْثى ؛ قالَ : والفَلَتاتُ السَّقَطاتُ والزَّلَّاتُ.
ونَثَا الشَّيءَ نَثْواً : فَرَّقَهُ وأَذاعَهُ ؛ عن ابنِ جنِّي ومنه أُخِذَ النَّبِيُّ ، كغَنِيِّ ، كما يَأْتي.
والنَّثَا ، مَقْصورٌ : ما أَخْبَرْتَ به عن الرَّجُل منِ حَسَنٍ أَو سَيِّءٍ ، وتَثْنِيَتُه نَثَوانِ ونَثَيانِ. يقالُ : فلانٌ حَسَنُ النَّثا وقَبيحُ النَّثا ، ولا يشتق منه فِعْل ؛ وهذا قد أَنْكَرَه الأزْهرِي فقالَ : الذي قال ، لا يُشْتقُّ مِن النَّثا فِعْل لم نَعْرفُه (٢).
قال ابنُ الأعْرابي : أَنْثَى إذا قالَ خَيْراً أَو شرّا.
قالَ القالِي : وقال ، ابنُ الأنْبارِي : سَمِعْتُ أَبا العبَّاس يقولُ : النَّثا يكونُ للخَيْرِ والشرِّ ؛ وكذا كانَ ابنُ دُرَيْدٍ يقولُ. ويقالُ : هو يَنْثُو عليه ذُنُوبَه ؛ ويُكْتَبُ بالألفِ ؛ وأنْشَدَ :
فاضِلٌ كامِلٌ جَمِيلٌ نَثاهُ |
|
أَرْيَحِيٌّ مُهَذَّبٌ مَنْصُورُ (٣) |
وقالَ جميلُ :
ألوبُ الخدْرِ واضِحَةُ المُحيَّا |
|
لَعُوبٌ دَلُّها حَسَنٌ نَثاها |
وقال كثيرٌ :
وأَبْعَده سَمْعاً وأَطْيبُه نَثا |
|
وأَعْظَمُه حلْماً وأَبْعَدُ جَهْلا |
وقال شمِرٌ عن ابنِ الأعْرابِي : يقالُ ما أَقْبحَ نَثاهُ.
وقال الجَوْهرِي : النَّثا ، مَقْصورٌ ، مثْلُ الثَّناءِ إلَّا أنَّه في الخَيْر والشرِّ جمِيعاً ، والثَّناءُ في الخَيْر خاصَّةً.
قال شيْخُنا : وقد مالَ إلى هذا العُموم جماعَةٌ وصَوَّبَ أَقوامٌ أنَّه خاصٌّ بالسوءِ ، وتقدَّمَ شيءٌ مِن ذلكَ في «ث ن ي».
والنّثِيُّ ، كغَنِيٍّ : ما نَثاهُ الرِّشاءُ من الماءِ عندَ الاسْتِقاءِ ، كالنَّفِيِّ بالفاءِ.
قال ابنُ جنِّي : هُما أَصْلانِ وليسَ أَحَدُهما بَدَلاً مِن الآخرِ لأنَّا نَجِدُ لكلِّ واحِدٍ منهما أَصْلاً نَردّه إليه ، واشْتِقاقاً نَحْمِلُه عليه ، فأمَّا نَثِيُّ فَفَعِيلٌ مِن نَثا الشيءَ يَنْثُوه إذا أَذاعَهُ وفَرَّقَه لأنَّ الرِّشاءَ يُفَرِّقه ويَنْثُرُه ، ولامُ الفِعْل واوٌ بمنْزِلَةِ سَرِيٍّ وقَصِيٍّ ، والنَّفِيُّ فَعِيلٌ مِن نَفَيْتُ لأنَّ الرِّشاءَ يَنْفِيه ، ولامُه واوٌ بمنْزلَةِ رَمِيٍّ وعَصِيٍّ.
ونثاؤوه (٤) ، كذا في النسخِ والصَّوابُ تَنَاثَوْهُ : تَذَاكَرُوهُ ؛ كذا في الصِّحاحِ. يقالُ : هم يَتَناثَوْنَ الأخْبارَ أَي يُشَيعُونها ويَذْكُرُونَها. ويقالُ : القومُ يَتَناثَونَ أَيّامَهم المَاضِيَةَ أي يَذْكُرُونَها.
وتَناثَى القوْمُ قَبائِحَهم : أَي تَذَاكَرُوها ؛ قال الفَرَزْدق :
بما قد أَرَى لَيْلى ولَيْلى مُقِيمةٌ |
|
به في جَمِيعٍ لا تُناثَى جَرائِرُهْ (٥) |
وممَّا يُسْتدركُ عليه :
قال سيبويه : نَثا يَنْثُو نَثاءً ونَثاً كما قالوا بَذا يَبْذُو وبَذاءً وبَذاً ، فهذا يدلُّ على النَّثا قد يُمَدُّ.
والنَّثْوَةُ : الوَقِيعةُ في النَّاسِ.
والنَّاثِي : المُغْتابُ ؛ وقد نَثا يَنْثُو.
__________________
(١) اللسان والنهاية.
(٢) في التهذيب : فإنه لم يعرفه.
(٣) اللسان والتهذيب بدون نسبة.
(٤) في القاموس : وتَنَاثَوْهُ.
(٥) ديوانه ط بيروت ١ / ٢٠٩ برواية : بما قد نرى ... به في خليط «لا تناثى حرائره» والمثبت كرواية اللسان والتهذيب ، والزيادة عن الديوان واللسان وقد سقطت من الأصل فاختل الوزن ونبه عليها بهامش المطبوعة المصرية.