ويقالُ : نَبَتْ بي تِلْكَ (١) : أَي لم أَجِدْ بها قراراً.
ومِن المجازِ : نَبَا جَنْبُه عن الفِراشِ : إذا لم يَطْمَئِنَّ عليه ، وهو كقولهم : أقض عليه مَضْجَعَه.
ومن المجازِ : نَبَا السَّهْمُ عن الهَدَفِ نَبْواً : قَصَّرَ.
والنَّابِيَهُ : القَوْسُ التي نَبَتْ عن وَتَرِها ، أَي تجافَتْ ، عن ابن الأعرابي.
والنَّبِيُّ ، كغَنِيٍّ : الطَّريقُ الواضِحُ والأَنْبياءُ طُرُقُ الهُدَى ؛ قالَهُ الكِسائي. وقد ذَكَرَه المصنِّفْ أيْضاً في الهَمْزةِ.
والنَّبِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : سُفْرَةٌ مِن خُوصٍ ؛ كلمةٌ فارِسِيَّةٌ مُعَرَّبُها النَّفِيَّةُ بالفاءِ ، وتقدَّمَ في «ت ف ف».
ونَصُّ التكملةِ : قال أبو حاتمٍ : وأَمَّا أَهْلُ البَصْرةِ فيقولونَ النَّبِيَّةُ بالفارِسِيَّةِ ، فإن عَرَّبْتها قلْتَ النَّفِيَّة بالفاءِ ، أَي السُّفْرَةُ المَنْسوجةُ مِن خُوصٍ ، انتَهَى.
قلْتُ : تقدَّمَ له هنالك أنَّها سُفْرَةٌ من خُوصٍ مُدوَّرَة ، ومُقْتضاهُ أَنَّه بتَشْديدِ الفاءِ ، ثم قالَ في آخرِه ويقالُ لها أَيْضاً نَفِيَّة جَمْعُه نَفي ، كنَهيَّةٍ ونِهى ، أَي بالكَسْر ، وأَحالَهُ على المُعْتل ، وسَيَأْتي له في «ن ف ي» النَّفْيَةُ ، بالفتح ، وكغَنِيَّ سُفْرَةٌ من خُوصٍ ، يشررُ عليها الأقِطُ ، وفي كَلامِه نَظَرٌ مِن وُجُوهٍ.
الأول : التَّخالفُ في الضَّبْط فذِكُرُه في «ن ف ف» دلَّ على أنَّه بتَشْديدِ الفاءِ ، وقَوْله في الآخر : ويقالُ إلى آخره ، دلَّ على أنَّه بالكَسْر ثم ضَبَطَه في المُعْتل بالفَتْح ، وقال هنا كغَنِيَّة ، واقْتَصَرَ عليه ، ولم يَتَعرَّض لفَتْح ولا لكَسْر ، فإذا كانتِ الكَلِمةُ مُتّفِقَةَ المَعْنى فما هذه المُخالَفَة.
الثَّاني : اقْتِصارُه هنا على سُفْرةٍ مِن خُوصٍ ، وفي الفاءِ سُفْرَة تُتَّخَذُ من خُوصٍ مُدوَّرَة ؛ وقوْلُه فيمَا بَعْد : سُفْرَة مِن خُوص يشررُ عليها الأقِطُ ، فلو أَحالَ الواحِدَة على ما بَقيَ مِن لُغاتِها كانَ أَجْودُ لصَنْعتِه.
الثَّالث : ذكره هنا في هذا الحَرْف تِبْعاً للصَّاغاني ، وقيلَ هو النثِّيَّة ، بالثاءِ المُثَلَّثَةِ المُشَدَّدة المَكْسُورة ، كما قالَهُ أبو تُرابٍ ، والفاءُ تُبْدَل عن ثاءٍ كثيراً. وفاتَهُ من لُغاتِه النُّفتة بالضم والتَاءِ الفَوْقِيَةِ نقلَهُ الزَّمَخْشري عن النَّضْر ، وسَيَأْتي لذلكَ مَزِيد إيْضاح في «ن ف ي» ، فتأمَّل ذلكَ حَقّ التأمّل.
والنَّباوَةُ : ما ارْتَفَعَ من الأرضِ كالنَّبْوةِ والنَّبِيِّ ، كغَنِيٍّ ؛ ومنه الحديثُ : «فأُتِي بثلاثَةِ قِرَصةٍ فوُضِعَتْ على نَبِيٍّ» ، أَي على شيءٍ مُرْتَفِعٍ مِن الأرضِ. وفي حديثٍ آخَر : «لا تُصَلُّوا على النَّبِيِّ أَي على الأرضِ المُرْتفِعَةِ المُحْدَوْدبةِ ؛ ومن هنا يُسْتَظْرف ويقالُ : صَلّوا على النَّبِيءِ ولا تُصَلُّوا على النّبِيِّ ، وقد ذُكِرَ ذلكَ في الهَمْزِ.
ويقالُ : النَّبِيُّ : عَلَمٌ من أَعْلامِ الأرضِ التي يُهْتدَى بها ؛ قالَ بعضُهم : ومنه اشْتِقاقُ النَّبيَّ لأنَّه أَرْفَع خَلْقِ الله ولأنّهُ يُهْتَدى به ؛ وقد تقدَّمَ في الهَمْزةِ.
وقال ابنُ السِّكِّيت ، فإن جَعَلْت النَّبِيَّ مَأْخوذاً من النَّباوَةِ أَي أنَّه شُرِّفَ على سائِرِ الخَلْق ،. فأَصْله غَيْر الهَمْزة ، وهو فَعِيل بمعْنَى مَفْعولٍ ، تَصْغيرُه نُبَيٌّ ، والجَمْعُ أَنْبياءُ ؛ وأَمَّا قولُ أَوْسِ بنِ حجرٍ يَرْثِي فُضالَةَ بنِ كلْدَةَ الأسَديّ :
على السَّيِّدِ الصَّعْبِ لو أَنَّه |
|
يَقُومُ على ذِرْوةِ الصَّاقِبِ |
لأَصْبَح رَتْماً دُقاقَ الحَصَى |
|
مَكانَ النَّبيِّ من الكاثِبِ (٢) |
قال النَّبِيُّ : المَكانُ المُرْتَفِعُ ؛ والكاثِبُ : الرمْلُ المُجْتمِعُ ؛ وقيلَ : النَّبِيُّ ما نَبَا مِنَ الحِجارَةِ إذا نَحَلَتْها الحَوافِرُ ، ويقالُ : الكاثِبُ جَبَلٌ وحَوْله رَوابٍ يقالُ لها النَّبيُّ ، الواحِدُ نابٍ مثْل غازٍ وغَزِيِّ ، يقولُ : لو قامَ فُضالَةُ على الصاقِبِ ، وهو جَبَلٌ ، لَذَلَّلَهُ وتَسَهَّل له حتى يَصِيرَ
__________________
(١) كذا ، وفي اللسان : تلك الأرض.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٠ برواية :
على الأروع السقب لو أنه
وفيه «كمتن» بدل «مكان» والمثبت كرواية اللسان والصحاح والثاني في التهذيب.