وقالَ الأَزْهرِيُّ : أَصْلُ الماءِ ماهٌ بوَزْنِ قاهٍ ، فثَقُلَتِ الياءُ مع الساكِنِ قَبْلَها فقَلَبُوا الهاءَ مدَّةً فقالوا ماءٌ كما ترى.
وقالَ الفرَّاءُ : يُوقَفُ على المَمْدودَ بالقَصْرِ والمدِّ شَرِبْت ماءً ، قالَ : وكانَ يجِبُ أَنْ تكونَ فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ ، قالَ : وسَمِعْتُ هؤلاء يَقولُونَ شَرِبْت مَيْ يا هذا ، فشَبَّهُوا المَمْدودَ بالمَقْصورِ والمَقْصورَ بالمَمْدودِ ؛ وأَنْشَدَ :
يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ
فقَصَر وهو مَمْدودٌ ، وشَبَّهَه بالمَقْصورِ.
* قُلْتُ : ولعلَّ الفُرْسَ من هنا أَخَذُوا تَسْمِيَة الخمر بمَيْ ، م مَعْروفٌ ، أَي الذي يُشْرَبُ.
وقالَ قوْمٌ : هو جَوْهَرٌ لا لَوْنَ له ، وإنّما يتكيَّفُ بلَوْنٍ مَقَابِله قيلَ : والحقُّ خِلافُه ، فقيلَ أَبْيَضُ ، وقيلَ أَسْودُ ؛ نَقَلَهُ ابنُ حَجَر المكِّيُّ في شرْحِ الهَمْزيَّة.
قالَ شيْخُنا : والعَرَبُ لا تَعْرفُ هذا ولا تَخُوضُ فيه ، بل هو عنْدَهُم مِنَ الأَمْرِ المَعْروفِ الذي لا يحتاجُ إلى الشَّرْحِ.
وسُمِعَ اسْقِنِي ماً بالقَصْرِ على أَنَّ سِيْبَوَيْه قد نَفَى أَنْ يكونَ اسمٌ على حَرْفَيْن أَحَدهما التَّنْوين.
وقيلَ : أَصْلُ الماءِ مَاهٌ ، والواحِدَةُ ماءَةٌ وَماهَةٌ.
وقالَ الجَوْهري : أَصْلُهُ مَوَهٌ ، بالتّحْرِيكِ ، ج أَمْواهٌ في القلَّةِ ، ومِياهٌ في الكَثْرةِ ، مثْلُ جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ ، والذاهِبُ منه الهاءُ بدَليلِ قَوْلهم : عنْدِي مُوَيْهٌ ، وإذا أَنَّثْتَه قُلْتَ ماءَةٌ مثْلُ ماعَةٍ. وفي الحدِيثِ : «كانَ موسَى ، عليهالسلام ، يَغْتسلُ عنْدَ مُوَيْهٍ».
وتَصْغيرُ الماءَةِ مُوَيْهَةٌ ، والنِّسْبةُ إلى الماءِ مائِيٌّ وماوِيٌّ في قَوْلِ مَنْ يقولُ عَطاوِيّ ؛ كما في الصِّحاحِ.
وفي التَّهْذِيبِ : ماهِيٌّ.
* قُلْتُ : ومنه تَسْمِيَة الفُرْسِ للسَّمكِ ماهِيٌّ.
وجَزَمَ عبدُ القادِرِ البَغْدادِيّ في حاشِيَةِ الكعْبيَّةِ أَنَّه لا يقالُ ماوِيٌّ.
والماوِيَّةُ : المِرْآةُ التي يُنْظَرُ فيها ، صفَةٌ غالبَةٌ ، كأَنَّها نُسِبَتْ إلى الماءِ لصَفائِها حتى كأَنَّ الماءَ يَجْرِي فيها ، وج ماوِيٌّ ؛ قالَ الشاعِرُ :
تَرَى في سَنا المَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى |
|
على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل (١) |
وماوِيَّةُ : اسمُ امْرأَةٍ ؛ قالَ طرفَةُ :
لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً |
|
ليس هذا مِنْكِ ماوِيَّ بِحُرّ (٢) |
وقالَ الحافِظُ (٣) : ماوِيَّةُ بنْتُ أَبي أَخْزَمَ ، أُمُّ جُشَم وسَعْد العجليين ؛ وماوِيَّةُ بنْتُ بُرْد بنِ أَفْصَى ، هي أُمُّ حارِثَةَ وسَعْدٍ وعَمْرٍو وقَشْعٍ وربيعَةَ بَني دُلْفِ بنِ جُشَم المَذْكُور.
* قُلْتُ : وماوِيَّةُ بنْتُ كَعْبٍ ؛ وماوِيَّةُ امْرأَةُ حاتِمٍ الطائِيّ.
قالَ شيْخُنا : سُمِّيَت المرْأَةُ ماوِيَّةَ تَشْبيهاً لها بالمرْآةِ في صفَائِها. وقُلِبَتْ هَمْزةُ الماءِ واواً في مثْلِه ، وإِن كانَ القِياسُ قَلْبها هاء لتَشْبيهِهِ بما هَمْزَته عن ياءٍ أَو واوٍ ، وشُبِّهَتِ الهاءُ بحُرُوفِ المدِّ واللِّينِ فهُمِزَتْ ؛ وقيلَ : ماوِيَّة العلم على النِّساءِ مَأْخُوذٌ مِن آوَيْتَه إذا ضَمَمْتَه إِليك ، فالأصْلُ مَأْوِيّة بالهَمْزِ ثم سُهِّلَتْ ، فهي اسمُ مَفْعولٍ.
وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَمُوهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً ومُؤُوهاً وماهَةً ، ومَيْهَةٌ فهي مَيِّهَةٌ ، ككَيِّسَةٍ ، وماهَةٌ ؛ عن الكِسائي ، كَثُرَ ماؤُها وظَهَرَ ، ولَفْظةُ تَمِيه تأْتِي بعْدَ هذا في الياءِ هناك من بابِ باعَ يَبِيعُ ، وهو هنا مِن بابِ حَسِبَ يَحْسِبُ كطَاحَ يَطِيحُ وتاهَ يَتِيهُ في قَوْلِ الخلِيلِ.
وهي أَمْيَهُ مِمَّا كانتْ وأَمْوَهُ مِمَّا كانتْ.
وماهَتِ السَّفِينَةُ تَماهُ وتَمُوهُ : دَخَلَها الماءُ.
ويقالُ : حَفَرَ البِئْرَ فأَمَاهَ وأَمْوَهَ ، أَي بَلَغَ الماءَ ، وكَذلِكَ أَمْهَى ، وهو مَقْلوبٌ.
__________________
(١) اللسان.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ٥٠ واللسان وعجزه في الصحاح.
(٣) التبصير ٤ / ١٢٤٤.