وشَرِبَ اللّبَنَ شَهْراً فلم يَعْنَ فيه. وذُكِرَ فيه لُغَةٌ أُخْرَى عَنا يَعْنُو نَجَعَ أَيْضاً ، ذَكَرْناها في الذي سَبَقَ. ثم رأَيْتُ ابنَ سِيدَه وكذا الصَّاغاني ذَكَرا هذه اللُّغَةَ فقالا : وعَنَى فيه الأكْلُ يَعْنَى ، شاذَّة ؛ نَجَعَ ؛ وإيَّاهُما تَبعَ المصنِّفُ ، فقولُ شيْخِنا ، غَيْر مَسْموعَة مِن أَحَدٍ ، مَرْدُودٌ.
وعَنَتِ الأَرضُ بالنَّباتِ تَعْنِي : أَظْهَرَتْهُ ، أَو ظَهَرَ فيها النَّباتُ ؛ وهذه اللّغَةُ ذكَرَها الجوْهرِي عن الكِسائي.
يقالُ : لم تَعْنِ بِلادُنا بشيءٍ إذا لم تَنْبِت شيئاً.
وفيه لُغَةٌ أُخْرَى عَنَتْ تَعْنُو بهذا المَعْنى تقدَّمَ عن ابنِ السِّكِّيت.
وعَنَى بالقَوْلِ كذا يَعْني : أَرادَ وقَصَدَ ؛ قالَ الزَّمخشريُّ : ومنه المَعْنِيُّ.
ومَعْنَى الكَلامِ ومَعْنِيُّه ، بكسْرِ النُّونِ مع تَشْديدِ الياءِ ، ومَعْناتُه ومَعْنِيَّتُه واحِدٌ أَي فَحْواهُ ومَقْصدُهُ ، والاسْمُ العَناءُ.
وفي الصِّحاح : تقولُ : عَرَفْت ذلكَ في مَعْنى كَلامِه وفي مَعْناةِ كَلامِه وفي مَعْنِيِّ كَلامِه : أَي في فَحْواهُ ، انتَهَى.
وفي مَعْنِيَّتُه ، ذكَرَه ابنُ سِيدَه.
وقالَ الأزْهري : مَعْنى كلِّ شيءٍ مِحْنَتُه وحالُه التي يَصِيرُ إليها أَمْرُه.
وقالَ الراغبُ : المَعْنَى إظْهارُ ما تَضمَّنه اللّفْظُ مِن قوْلِهم : عَنَتِ الأرضُ بالنَّباتِ أَظْهَرَتْه (١) حَسناً.
وفي المِصْباح : قالَ أَبو حاتِمٍ : وتقولُ العامَّةُ : لأيِّ مَعْنًى فَعَلْت؟ والعَرَب لا تَعْرِف المَعْنى ولا تَكادُ تتكلَّم به ، نعم قالَ بعضُ العَرَبِ : ما مَعْنِيّ هذا ، بكسْرِ النونِ وتشْديدِ الياء.
وقالَ أبو زيدٍ : هذا في مَعْناةِ ذاكَ وفي مَعْناهُ سَواءٌ ، أَي في مُمَاثِلتِه ومُشَابَهتِه دَلالَة ومَضْموناً ومَفْهوماً.
وقال الفَارَابي أَيْضاً : ومَعْنَى الشيء ومَعْناتُه واحِدٌ ومَعْناهُ وفَحْواهُ ومُقْتضاهُ ومَضْمونُه كُلُّه هو ما يدلُّ عليه اللّفْظ. وفي التَّهذيبِ عن ثَعْلَب : المَعْنى والتَّفسِير والتَّأْوِيل واحِدٌ ، وقد اسْتَعْمل الناسُ قوْلَهم هذا مَعْنَى كَلامِه وشبهه ، ويُرِيدُون هذا مَضْمونَهُ ودَلالَتَه وهو مُطابقٌ لقوْلِ أَبي زيدٍ والفارَابِي ، وأَجْمَع النّحاةُ وأَهْلُ اللغةِ على عِبارَةٍ تَداوَلُوها وهي قوْلهم : هذا بمعْنَى هذا ، وهذا في المَعْنَى واحِدٌ ، وفي المَعْنى سَواءٌ ، وهذا في مَعْنى هذا أَي مُماثِلٌ له أَو مُشابِهٌ ، انتَهَى.
ويُجْمَعُ المَعْنى على المَعانِي ويُنْسَبُ إليه فيُقالُ المَعْنَوِيُّ ، وهو ما لا يكونُ للِّسانِ فيه حَظوٌّ ، إنّما هو مَعْنَى يُعْرفُ بالقَلْبِ.
وقالَ المناوِي في التوقيف : المَعانِي هي الصُّورُ الذّهْنيَّةُ مِن حيثُ وضع بإزائِها الألْفاظُ والصُّورَةُ الحاصِلَةُ من حيثُ أنَّها تقصدُ باللفْظ تسَمَّى مَعْنًى ، ومن حيثُ حُصولها من اللفْظِ في العَقْل تسَمَّى مَفْهوماً ، ومن حيث أنَّها مَقُولةٌ في جوابِ ما هو تسَمَّى ماهِيَّة ، ومِن حيثُ ثُبوتها في الخارِجِ تسَمَّى حَقِيقَة ، ومن حيثُ امْتِيازها عن الأعْيانِ تسَمَّى هَوِيَّة.
وقالَ أَيْضاً : علْمُ المَعانِي عِلْمٌ يُعْرَفُ به إيرادُ المَعْنى الواحِدِ بطُرُقٍ مُخْتَلفَةٍ في وُضوحِ الدَّلالةِ عليه.
وعَنَا* عَناءً ، هكذا هو بالفَتْح في الماضِي في النُّسخ ومثْلُه في المُحْكم ؛ وفي الصِّحاح وتَهْذِيبِ ابن القطَّاع : عَنِيَ بالكسْرِ عَناءً ، وتَعَنَّى : نَصِبَ ، أَي تَعِبَ.
وأَعْناهُ وعَنَّاهُ تَعْنِيَةً ، وفي الصِّحاح : عَنَّيْتَه تَعْنِيَةً فتَعَنَّى ، انتَهَى ؛ وقولُ الشاعِر :
عَنْساً تُعَنِّيها وعَنْساً تَرْحَلُ
أَي تَحْرُثُها وتُسْقِطُها.
والعَنْيَةُ ، بالفتحِ : العَناءُ ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
وتعَنَّاها : تَجَشَّمها.
وفي الصِّحاح : تَعَنَّيْتُه فتَعَنَّى : أَي يتَعَدَّى وأَنْشَد الجوهريُّ في المتعدِّي قولَ الشاعِرِ :
فقُلْتُ لها الحاجاتُ يَطْرَحْنَ بالفَتَى |
|
وهَمِّ تَعَنّاني مُعَنًّى رَكائبُهْ (٢) |
__________________
(١) في المفردات : أنبتته حسناً.
(٢) الصحاح ، وفي اللسان : «وهمّ تعنّاه».
(*) كذا ، وبالقاموس : عَنَى.