ابنُ سِيدَه فقالَ : وصَلَيْتُه وله : مَحَلْتُ به وأَوقَعْتُه في هَلَكَةٍ ، وليسَ في كلِّ مِن الأصُولِ الثَّلاثَةِ ما ذَكَرَه المصنِّفُ مِن المُدارَاةِ والمُخاتَلَةِ ، وكأنَّه أَخَذَ ذلكَ من لَفْظِ المَحْل.
وفي الأساسِ : ومِن المجازِ : صَلَيْتُ بفلانٍ إذا سَوَّيتَ عليه مَنْصوبةً لتُوقِعَهُ.
وصَلِيَ فلانٌ النَّارَ ، كَرضِيَ ، وصَلِيَ بها ، وعليه اقْتَصَرَ الجوهريُّ ؛ صُلِيّاً وصِليّاً ، بالضمِّ والكسْر مع تَشْديدِ الياءِ فيهما ، وصَلاءً ، هكذا بالمدِّ في النسخِ والصَّوابُ صَلى بالقَصْرِ كما هو نَصُّ المُحْكم والمِصْباح ، ويُكْسَرُ عن ابنِ سِيدَه أَيْضاً : قاسَى حَرَّها وشِدَّتَها ؛ كتَصَلَّاها ؛ وأنْشَدَّ ابنُ سِيدَه :
فَقَدْ تَصَلَّيْت حَرَّ حَرْبِهِم |
|
كما تَصَلَّى المَقْرورُ مِنْ قَرَسِ (١) |
وفَرَّقَ الجوهريُّ بينَ صلى النَّارَ وبَيْنَ صَلِيَ بها ، فقالَ : صلى النَّارَ يَصْلَى صُلِيّاً احْتَرَقَ ؛ ومنه قولُه تعالى : (هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) (٢) ؛ وقولُ العجَّاج :
تَاللهِ لَو لا النارُ أنْ نَصْلاها (٣)
قالَ : ويقالُ أَيْضاً صَلِيَ بالأَمْرِ إذا قاسَى حَرَّهُ وشِدَّتَه ؛ ومنه قولُ أَبي الغولِ الطُّهَوِيّ :
ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وإنْ هُمْ |
|
صَلُوا بالحَرْبِ حِيناً بَعْدَ حِينِ (٤) |
وفي المِصْباح : صَلِيَ بالنَّارِ وصَلِيها ، صَلِيَ من بابِ تَعِبَ : وَجَدَ حَرَّها. وقال الرَّاغبُ : صَلِيَ بالنَّارِ وبكذا : أَي بُلِيَ به ، ومنه :
يصْلى (٥) (ناراً حامِيَةً) ؛ (... وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٦) ؛ (... اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) (٧) ؛ (... لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) (٨).
وأَصْلاهُ النَّارَ وصَلاهُ إيَّاها وصَلاهُ فيها وصَلاهُ عليها صَلْياً وصُلِيّاً : أَدْخَلَهُ إيَّاها وأَثْواهُ فيها ؛ ومنه قولُه تعالى : (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) (٩) ؛ (... وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) ؛ وقُرِئَ هذه بالتَّشَديدِ أَيْضاً ؛ وإذا عُدِّي بفي أَو على فإنَّما هو بمعْنَى شَواهُ وأَحْرَقَه.
والصَّلاءُ ، ككِساءٍ : الشِّواءُ لأنَّه يُصْلَى بالنَّارِ ؛ كما في الصِّحاح.
والصَّلاءُ : الوَقُودُ على فعولٍ ، وهو ما تُوقَدُ به النَّارُ.
أَو النارُ ، يقالُ : هو أَحْسَنُ مِن الصَّلاءِ في الشِّتاء ؛ كالصَّلَى بالقَصْرِ فيهما أَي في الوَقُودِ والنارِ.
وقالَ الأزهري : إذا كَسَرْت مَدَدْتَ ، وإذا فَتَحْتَ قَصَرْتَ ؛ ومثْلُه في الصِّحاحِ.
واصْطَلَى بالنَّارِ : اسْتَدْفَأَ بها ؛ ومنه قولُه تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) (١٠) ، أَي أنَّهم كانوا في شِتاءٍ فلذا احْتاجُوا إلى الاصْطِلاءِ.
وصَلَّى عَصاهُ على النَّارِ تَصْلِيَةً وتَصَلَّاها : لَوَّحَ.
وفي الصِّحاح : لَيَّنَها وقَوَّمَها ؛ قالَ قيْسُ بنُ زهَيْرٍ :
فلا تَعْجَلْ بأَمْركَ واسْتَدِمْهُ |
|
فما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ (١١) |
وفي الأساس : صَلَّيْتُ القَناةَ : قَوَّمْتها بالنارِ.
وأرْضٌ مَصْلاةٌ : كثيرَةٌ الصِّلِّيانِ لنَبْتٍ ذُكِرَ في حَرْفِ اللَّامِ لاخْتِلافِهم في وَزْنِه فِعِّلان أَو فِعْلِيان ، وهذا النَّبْتُ يُسَمَّى خُبْزَة الإِبِلِ ، وقد تقدَّمَ.
__________________
(١) البيت لأبي زبيد الطائي كما في اللسان والصحاح والتهذيب ، وهو في شعره في شعراء إسلاميون ص ٦٤٠ برواية «وقد تصليت ...» وانظر تخريجه فيه.
(٢) سورة مريم ، الآية ٧٠.
(٣) الصحاح واللسان والتكملة ، قال الصاغاني : وليس الرجز. للعجاج وإنما هو للزفيان ، وبعده في اللسان :
أو يدعو الناس علينا الله |
|
لما سمعنا لأمير قاها |
(٤) اللسان والصحاح وفيهما : قال الطهوي.
(٥) سورة الغاشية ، الآية ٤ وفيها «تَصْلى».
(٦) سورة النساء ، الآية ١٠.
(٧) سورة يس ، الآية ٦٤.
(٨) سورة الليل ، الآية ١٥.
(٩) سورة النساء ، الآية ٣٠.
(١٠) سورة النمل ، الآية ٧ وسورة القصص ، الآية ٢٩.
(١١) الصحاح واللسان وفيه «عصاه» وعجزه في التهذيب.