وقالَ اللّحْياني : شَراهُ اللهُ وأَوْرَمَه وعظاهُ (١) وأَرْغَمَهُ (٢) بمعْنىً واحِدٍ.
وشَرَى بنَفْسِه عن القَوْمِ ؛ وفي التّكملةِ : للقوْمِ ؛ إذا تقَدَّمَ بَيْنَ أَيْديهِمْ إلى عَدُوِّهم فقاتَلَ عنهم ؛ وهو مجازٌ ، ونَصّ التكملةِ : فقاتَلَهُم.
أَو تقَدَّمَ إلى السُّلْطانِ فتَكَلَّمَ عنهم ؛ وهو مجازٌ أَيْضاً.
وشَرى اللهُ فلاناً شَرىً : أَصَابَهُ بعِلَّةِ الشَّرَى ، فشَرِيَ ، كرَضِيَ ، فهو شَرٍ.
والشَّرَى : اسْمٌ لشيءٍ يخرُجُ على الجَسَدِ كالدَّراهِم : أَو لبُثُورٍ صِغارٍ حُمْرٍ حَكَّاكَةٍ مُكْرِبَةٍ تَحْدُثُ دَفْعَةً واحِدَةً غالِباً ، وقد تكونُ بالتَّدْرِيجِ وتَشْتَدُّ لَيْلاً لبخارٍ حارِّ يَثُورُ في البَدَنِ دَفْعَةً واحدَةً ؛ كما في القانونِ لأَبي عليِّ بنِ سينا.
ومِن المجازِ : كلُّ مَنْ تَرَكَ شيئاً وتمسَّك بغيرِهِ فقد اشْتَراهُ هذا قولُ العَرَب ؛ ومنه قوْلُه تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا) الضَّلالَةَ بِالْهُدى (٣).
قالَ أَبو إسْحق : ليسَ هنا شِراءٌ وبَيْعٌ ، ولكن رغبَتُهم فيه بتَمَسُّكِهم به كرَغْبةِ المُشْتري بمالِهِ ما يَرْغَبُ فيه.
وقال الرَّاغبُ : ويجوزُ الشِّراءُ والاشْتراءُ في كلِّ ما يَحْصَلِ به شيءٌ ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) (٤) ؛ وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) (٥) وقالَ الجوهريُّ : أَصْلُ اشْتَرَوْا : اشْتَرَيُوا فاسْتُثْقِلَت الضمَّةُ على الياءِ فحُذِفَتْ فاجْتَمع ساكِنانِ الياء والواو ، فحذِفَت الياءُ وحُرِّكَتِ الواوُ بحَرَكتِها لمَّا اسْتَقْبلَها ساكِنٌ.
وشَاراهُ مُشاراةً وشِراءً ، ككِتابٍ : بايَعَهُ ؛ وقيلَ : شَاراهُ مِن الشَّراءِ والبَيْعِ جَمِيعاً ، وعلى هذا وَجَّه بعضُهم مَدَّ الشِّراءِ. والشَّرْوَى ، كجَدْوَى : المِثْلُ ، واوُه مُبْدَلةٌ من الياءِ ، لأنَّ الشيءَ قد يُشْترَى بمثْلِه ، ولكنها قُلِبَت ياءً كما قُلِبَت في تَقْوَى ونحوِها ؛ نقَلَهُ ابنُ سِيدَه والجوهريُّ.
ومنه حدِيثُ عُمَر في الصَّدَقةِ : «فلا يأْخذ إلَّا تلْكَ السِّنَّ مِن شَرْوَى إِبْلِه أَو قِيمةَ عَدْلٍ».
وكانَ شُرَيْحٌ يُضَمِّنُ القَصَّارَ شَرْوَى الثَّوْبِ الذي أَهْلَكَه ، وقالَ الراجزُ :
ما في اليآيئ يؤيؤ شرواه
أَي مِثْله.
وشَرِيَ الشَّرُّ بَيْنهم ، كرَضِيَ ، يَشْرَى شَرًى ، مَقْصور : اسْتَطَارَ.
وفي النِّهايَةِ : عَظُمَ وتَفاقَمَ ؛ ومنه حدِيثُ المبْعَث : «فشَرِيَ الأَمْرُ بَيْنه وبينَ الكفَّارِ حينَ سَبَّ آلهَتَهُم».
وشَرِيَ البَرْقُ يَشْرَى شَرىً : لَمَعَ واسْتطارَ في وَجْهِ الغيمِ.
وفي التهذيبِ : تفرَّقَ في وَجْهِ الغيمِ.
وفي الصِّحاحِ : كَثُرَ لَمَعَانُه ؛ وأَنْشَدَ لعبدِ عَمْرو بنِ عمَّار الطائي :
أَصاحَ تَرى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ |
|
يَمُوتُ فُواقاً ويَشْرَى فُواقَا (٦) |
كأَشْرَى ؛ نقلَهُ الصَّاغاني ، تتابَعَ لَمَعانُه.
وشَرِيَ زيْدٌ يَشْرَى شَرىٌ : غَضِبَ.
وفي الصِّحاح : شَرِيَ فلانٌ غَضَباً إذا اسْتَطارَ غَضَباً.
وشَرِيَ أَيْضاً : إذا لَجَّ وتَمادَى في غيِّه وفَسَادِه ؛ كاسْتَشْرَى ؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ سِيدَه.
ومنه الشُّراةُ ، كقُضاةٍ ، للخَوارجِ ، سمُّوا بذلكَ لأنَّهم غَضِبُوا ولَجُّوا.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت : قيلَ لهم الشُّراةُ لشدَّةِ غَضَبِهم على
__________________
(١) عن اللسان والتهذيب وبالأصل «وغطاه».
(٢) في القاموس : أو أَرْغَمَهُ.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٦.
(٤) سورة آل عمران ، الآية ٧٧.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٦.
(٦) اللسان والصحاح والأساس بدون نسبة ، وصدره في الأساس :
ترى البرق لم يغتمض ليلة