والشَّجا ، مَقْصوراً : ما اعْتَرَضَ في الحَلْقِ من عَظْمٍ ونحوه يكونُ في الإِنْسانِ وفي الدَّابَّةِ ، قالَ الشَّاعرُ :
وتَرَاني كالشَّجا في حَلْقِهِ |
|
عَسِراً مَخْرَجُه ما يُنْتَزَعْ (١) |
وقد شَجِيَ به ، كَرِضيَ (٢) ، شَجاً. ويقالُ : عليك بالكَظْمِ ولو شَجِيتَ بالعَظْمِ ؛ قالَ الشاعِرُ :
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ وقد سُبينا |
|
في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شَجِينا (٣) |
قالَ الجوهريُّ : أَرادَ في حُلُوقِكُم ، فلهذا قالَ شَجِين.
ورَجُلٌ شَجٍ : أَي حَزينٌ ؛ وامْرأَةٌ شَجِيَةٌ ، على فَعِلَةٍ.
ويقالُ : ويلٌ للشَّجِي من الخَلِي. الشَّجِي ، بتَخْفيفِ الياءِ : المَشْغولُ ، والخِلِي : الفارغُ ، كما قالَهُ أَبو زَيْدٍ.
وهذا المَشْغُولُ يحتملُ أَنْ يكونَ شَجِيَ بعظم يغصُّ به حَلْقُه أَو بهم فلم يَجِد مَخْرجاً منه ، أَو بقَرْنِ فلم يُقاوِمْه ؛ هكذا رَواهُ غيرُ واحِدٍ مِن الأَئمَّةِ بالتَّخْفيفِ.
وحكَى صاحِبُ العَيْن تَشْديدَ الياءِ ؛ والأَوَّلُ أَعْرَفُ.
وقال الزَّمخشريُّ : ورُوِي مُشَدَّداً بمعْنَى المَشْجُوْ ، وعُزِي للأصْمعي رَحِمَه الله تعالى.
وفي الصِّحاح : قالَ المبرِّدُ : ياءُ الخَلِيّ مُشَدَّدَة ، وياءُ الشَّجِي مُخَفَّفَة ؛ قالَ : وقد شَدَّدَ ياؤهُ في الشِّعْرِ ؛ وأَنْشَدَ :
نامَ الخَلِيُّونَ عن ليلِ الشَّجِيِّينا |
|
شَأْنُ السُّلاةِ سِوى شأنِ المُحِبِّينا (٤) |
فإن جعَلْت الشَّجِيَّ مِن شَجاهُ الحُزْنُ فهو مَشْجُوٌّ وشَجِيٌّ ، بالتَّشْديدِ لا غَيْر ، انتَهَى.
ومِثْلُه قولُ المُتَنَحِّل :
وما إن صوتُ نائحَةٍ شَجِيُّ (٥)
وقالَ الأزهريُّ : الكَلامُ المُسْتوي الفَصِيحُ الشَّجَى بالقَصْر ، فإن تَجامَلَ (٦) إنسانٌ ومَدَّهُ فلَهُ مَخارجُ من جهَةِ العربيَّة تُسَوِّغُه وهو أن يجعلَ بمعْنَى المَشْجُوِّ ، شَجاهُ يَشْجُوه شَجْواً ، فهو مَشْجُوٌّ وشَجِيٌّ.
* قلْت : وهذا هو الذي صرَّحَ به الجوهريُّ وأَشارَ له الزَّمخشريُّ.
ثم قالَ (٧) : والوَجْهُ الثانِي أنَّهم كثيراً ما يمدُّون فَعِلاً بياءٍ فيقولونَ : فلانٌ قَمِنٌ لكذا وقَمِينٌ وسَمِجٌ وسَمِيجٌ ، وكرٍ وكرِيٌّ للنائِم ؛ والثالث : أنَّهم يُوازُون اللَّفْظ باللَّفْظِ إذا ازْدَوجا ، كياءِ الغَدَايا والعَشَايا ، وإنَّما جَمْع غَدَاةٍ غَدَواتٌ ، انتَهَى.
ومَفازَةٌ شجْواءُ : أَي صَعْبَهُ (٨) المَسْلِكِ ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
والشَّجَوْجَى ، مَقْصوراً ويُمَدُّ ؛ واقْتَصَرَ الجوهريُّ على القَصْر ؛ الطَّويلُ جِدّاً ؛ أَو هو المُفْرِطُ الطُّولِ مَعَ ضِخَم العِظامِ ؛ أَو هو الطَّويلُ الرِّجْلَيْنِ مِثْل الخَجَوْجَى ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
قالَ شيْخُنا : وذِكْرُه هنا في المُعْتل بِناء على أنَّ وَزْنه فعَوْعَل لا فَعَوْلى كما سَيَأْتي في قطو.
أَو الطَّويلُ الظَّهْرِ القَصيرُ الرِّجْلِ ؛ كما في المُحْكم.
__________________
(١) اللسان والتهذيب بدون نسبة ، وفي الأساس منسوباً لسويد ، برواية «ويراني» ، والبيت في المفضلية ٤٠ لسويد بن أبي كاهل اليشكري.
(٢) قوله : شجي كرضي ، ما المانع من جعله يائياً ، كما فعل في شحى الآتي قريباً؟ ولعل هذا هو وجه القول السعد في المطول : إن شجا واوي ويائي ، وإن كان قد يفرق بين شجى وشحى بالمصدر ، فالأول : شجى ، والثاني : شحيا. فليحرر ، ا ه (هامش القاموس).
(٣) اللسان منسوباً للمسبب بن زيد مناة ، والثاني في الصحاح والأساس بدون نسبة.
(٤) اللسان والصحاح بدون نسبة.
(٥) البيت ليس للمتنخل ، وهو في شرح أشعار الهذليين ١ / ٢٩٣ في شعر صخر الغي من قصيدة يرثي تليداً برواية :
وما إن صوت نائحة بليل |
|
بسبلل لا تنام مع الهجود |
قال السكري : ويروى «نائحة شجيَّ» وصدره في اللسان ومعجم البلدان «الشجية».
(٦) عن التهذيب وبالأصل «تحامل».
(٧) يعني الأزهري ، والعبارة في التهذيب.
(٨) في القاموس مرفوعة منونة ، وأضافها الشارح فقط التنوين.