وقالَ كثيِّرٌ :
أَرُوحُ وأَغْدُو من هَواكِ وأَسْتَرِي |
|
وفي النَّفْسِ مما قَدْ عَمِلْتِ عَلاقِمُ |
وسَرَى به وأَسْراهُ وأَسْرى به : أَي يُسْتَعْملان مُتعدِّيَيْن بالباءِ إلى مَفْعول.
وأَمَّا قوْلُه تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى) بِعَبْدِهِ لَيْلاً (١) ، وإن كانَ السُّرَى لا يكونُ إلَّا لَيْلاً أنَّه تَأْكِيدٌ كقَوْلِهم : سِرْتُ أَمْسِ نهاراً والبارِحَة ليلاً ؛ كما في الصِّحاحِ.
أَو مَعْنَاهُ : سَيَّرَه ؛ كما في التَّهْذِيبِ.
وقالَ عَلَم الدِّيْن السَّخاوِي في تَفْسيرِه : إنَّما قالَ ليلاً والإِسْراءُ لا يكونُ إلَّا باللَّيْل ، لأنَّ المدَّةَ التي أَسْرى به فيها لا تُقْطَعُ في أَقَل مِن أَرْبَعِين يَوْماً فقُطِعَتْ به في لَيْلٍ واحِدٍ ؛ فكانَ المَعْنى سُبحان الذي أَسْرَى بعَبْدِه في لَيْلٍ واحِدٍ من كذا وكذا ، وهو مَوْضِعُ التَّعجُّبِ ، وإنَّما عَدَلَ عن لَيْلةٍ إلى لَيْلٍ لأنَّهم إذا قالوا سَرَى لَيْلَةً كانَ ذلكَ في الغالِبِ لاسْتِيعابِ اللّيْلة بالسُّرَى ، فقيلَ لَيْلاً أَي في لَيْلٍ ، انتَهى نقلَهُ عبدُ القادِرِ البَغْدادِي في حاشَيَةِ الكعبية.
وجَعَلَهُ الرَّاغبُ مِن السّراةِ وهي الأَرْضُ الواسِعَةُ ، وأَصْلُه من الواوِ ، أَسْرَى مِثْلُ أَجْبَل وأَتْهَم ، أَي ذَهَبَ به في سَراةٍ مِن الأرْضِ وهو غَرِيبٌ.
والسَّرَّاءُ ، كشَدَّادٍ : الكثيرُ السُّرَى باللّيْل ؛ نقلَهُ الأزْهريُّ.
والسَّارِيَةُ : السَّحابُ يَسْرِي لَيْلاً ؛ قالَ النابَغَةُ :
سَرَتْ عليه من الجَوْزاءِ سارِيَةٌ |
|
تُزْجِي الشّمالُ عليه جامِدَ البَرَد (٢) |
وقيلَ : هي السَّحابَةُ التي بينَ الغادِيَةِ والرَّائِحَة.
وقالَ اللَّحْيانيُّ : هي المَطْرَة التي تكونُ باللَّيْل ؛ وقالَ كعبٌ :
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه |
|
من صَوْبِ ساريةٍ بيضٌ يَعالِيلُ (٣) |
ج سَوارٍ.
والسَّارِيَةُ : الأُسطُوانَةُ ؛ زادَ صاحِبُ البارع : من حَجَرٍ أَو آجُرِّ ، والجَمْعُ السَّوارِي.
والسَّارِيَةُ : د بطَبَرِسْتانَ ، ويُعْرَفُ بسارِيَةِ مَازَنْدَرَان ، منه : بُنْدَارُ بنُ الخَليلِ الزَّاهِدُ السَّرَوِيُّ ، بالتَّحْرِيكِ ، رَوَى عن مُسْلم بنِ إبراهيمَ ، وعنه أحمدُ بنُ سعيدِ بنِ عُثْمان الثَّقَفيِّ.
وسارِيَةُ بنُ زُنَيمِ بنِ عَمْروِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ جابِرِ بنِ محميةَ بنِ عبدِ بنِ عدِيِّ بنِ الديلِ الخلجيُّ الكِنانيُّ الذي نادَاهُ عُمَرُ ، رضياللهعنه على المِنْبَرِ ، وسارِيَةُ بنَهاوَنْدَ فقالَ : يا سارِيَة : الجَبَلِ الجَبَل ، فسَمِعَ صَوْتَهُ وكانَ يُقاتِلُ العَدُوَّ فانْحازَ بهم إلى الجَبَل فسَلِم مِن مَكِيدتِهم ، وهذه الكَرامَةُ ذَكَرَها غيرُ واحِدٍ من أَصْحابِ السِّيَرِ ، وقد ذَكَرَه ابنُ سَعْدٍ وأَبو مُوسَى ولم يُذْكُر ما يدلُّ له على صُحْبتِه ، لكنَّه أَدْرَك ، وذكَرَه ابنُ حبَّانِ في ثِقاتِ التابِعين قالَ : رَوَى عن أَنَسٍ وعنَه أَبو حزَرَةَ يَعْقوبُ بنُ مجاهِدٍ ، وكانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَصْراً ، هكذا في النسخِ ، أَي مَحْصوراً ، أَو هو بالضَّادِ المُعْجمة أَي عَدْواً وهو الظاهِرُ.
* وفاتَهُ : سارِيَةُ بنُ أَوْفَى : له وِفادَةٌ ، ويقالُ عَقَدَ له النَّبيُّ صَلَى الله عليه وسلّم ، على سرِّيَةٍ.
وسارِيَةُ بنُ عَمْرٍو الحَنَفِيُّ صاحِبُ خالِدِ بنِ الوَليدِ ، رضياللهعنه ، قال له : إن كانَتْ لكَ في أَهْلِ اليَمامَةِ حاجَةٌ فاسْتَبْق هذا ، يَعْنِي مَجاعَة بن مرارَةٍ.
وسارِيَةُ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ عُبَيْدٍ بن ثَعْلَبَةَ بنِ يَرْبُوعِ بن ثَعْلبَةَ بن الدولِ الحَنَفيُّ أَيْضاً ، كِلاهُما مِن حنيفَةَ ، ومِن ولدِ الأخيرِ خُلَيْدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ زهيرِ بنِ سارِيَةَ وَلِيَ خُرَاسان ، قالَهُ ابنُ الكَلْبي.
__________________
(١) سورة الإسراء ، الآية ١.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ٣١ واللسان والتهذيب.
(٣) لكعب بن زهير من قصيدته بانت سعاد. شرح ابن هشام ، واللسان.