والتَّذْكِيَةُ : الذَّبْحُ.
قالَ الراغبُ : حقيقَةُ التَّذْكِيَةِ إخْراجُ الحرارَةِ الغَرِيزِيَّةِ لكنْ خُصّ في الشَّرْعِ بإِبْطالِ الحياةِ على وَجْهٍ دُونَ وَجْه ، ويدلُّ على هذا الاشْتِقاقِ قَوْلهم في المَيِّتِ خامِدٌ وهامِدٌ ، وفي النارِ الهامِدَةِ مَيِّتَةٌ.
كالذَّكا والذَّكاةِ ؛ ويقالُ : هُما اسْمانِ ، والعَرَبُ تقولُ : ذَكاةُ الجَنِينِ ذَكاةُ أُمِّه أَي إذا ذُبِحَتْ ذُبِحَ.
وفي المِصْباح : أَي ذَكاةُ الجَنِينِ هي ذَكاةُ أُمِّه ، فحذِفَ المُبْتدأُ الثاني إيجازاً لفَهْم المعْنى.
وقالَ المطرزي : النَّصْبُ في قوْلِه : ذَكاةَ أُمِّه خَطَأ.
وفي التَّهذِيبِ : ومعْنَى التَّذْكِيَة أن يُدْرِكَها وفيها بَقِيَّةٌ نَشْخُبُ معها الأوْداجُ ، وتَضْطَربُ اضْطَرابَ المَذْبوحِ الذي أُدْرِكَ ذَكاتُه ؛ قالَ : وأَهْلُ العِلْم يقولون : إنْ أَخْرَجَ السبُعُ الحِشْوَةَ أَو قَطَع الجَوْفَ فخَرَجَتْ فلا ذَكاةَ لذلكَ ، وتأْويلُه أَن يصيرَ في حالةِ ما لا يُؤَثِّرُ في حياتِهِ الذَّبْحُ.
وكغَنِيِّ : الذَّبيحُ. يقالُ : جَدْيٌ ذَكِيٌّ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وإنِّما أثبت هذه الكَلِماتِ في الواوِ وإنْ كانَ لَفْظُها الياء لأنَّا وَجَدْنا ذكو على ما انْتَظَمه هذا الباب ، وأمَّا ذكي فعدم ، وقد ذَكَرْتُ أنَّ الذَّكِيَّةَ نادِرٌ.
ويقالُ : ذَكَّى الرَّجُلُ تَذْكِيَةً ، أَي أَسَنَّ وبَدُنَ ، فهو مُذَكّ.
قالَ ابنُ سِيدَه : والمُذَكِّي أَيْضاً : المُسِنُّ مِن كلِّ شيءٍ ، وخَصَّ بعضُهم ذات الحافِرِ ، وقيلَ : هو أن يُجاوِزَ القُرُوحَ بسَنَةٍ.
وقالَ الراغبُ : خُصَّ (١) الرَّجُل بالذَّكاءِ لكَثْرَةِ رِياضَتِه وتَجارِبِه ، وبحسَبِ هذا الاشْتِقاقِ لا يُسَمَّى الشيخُ مُذكّياً إلَّا إذا كانَ ذا تَجارِب ورِياضياتٍ ، ولمَّا كانتِ التّجاربُ والرِّياضاتُ قلَّما تُوجَدُ إلَّا في الشّيوخِ لطُولِ عمرِهم اسْتُعْمل الذَّكاءُ فيهم.
والمَذاكِي من الخَيْلِ : العتاقُ المَسانُّ التي أَتى عليها بعدَ قُروحِها سَنَةٌ أَو سَنَتانِ ، الواحِدُ مُذَكِّي ، مثْلُ المُخْلِفِ من الإِبِلِ.
ومنه المَثَلُ : جَرْيُ المُذَكِّياتِ غِلابٌ (٢) ؛ ويُرْوَى : جَرْيُ المَذاكِي ؛ وقيلَ : المُذَكِّي مِن الخَيْلِ الذي يَذْهَب حُضْرُه ويَنْقَطِعُ.
ومِسْكٌ ذَكِيٌّ وذاكٍ وذَكِيَّةٌ : ساطِعٌ رِيحُه ؛ وأَصْلُ الذَّكاءِ في الرِّيحِ شِدَّتُها مِن طيبٍ أَو نَتَنٍ.
قالَ ابنُ الأنْبارِي : والمِسْكُ والعَنْبر يُذَكَّران ويُؤَنَّثان ؛ قالَهُ أَبو هفان.
وسحابَةٌ مُذْكِيَةٌ ، كمُحْسِنَةٍ ؛ وفي التكمِلَةِ بالتَّشْدِيدِ (٣) لمُحَدِّثَةٍ ؛ مَطَرَتْ مَرَّةً بعد مرَّةٍ أُخْرَى.
والذَّكاوِينُ : صِغارُ السَّرْجِ ، جَمْعُ ذَكْوانةٍ ؛ كما في المُحْكَم.
وابنُ ذَكْوانَ : المُقْرِئُ رَاوِي ابنِ عامِرٍ ، مَشْهورٌ.
وذَكْوَةُ : مَأْسَدَةٌ في بلادِ قَيْس.
وفي المُحْكَم : قَرْيةٌ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
أَذْكَيْتُ الحَرْبَ : أَوْقَدْتُها.
وقولُه تعالى : (إِلّا ما ذَكَّيْتُمْ) (٤) ، مَعْناه ما أَدْرَكْتُم ذَكاتَه.
وذَكْوانُ : اسمُ قَبِيلَةٍ من سُلَيْم.
وأيْضاً : جَدُّ أَبي بكرٍ محمدِ بنِ أَحْمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ الذَّكْوانيّ الأَصْبهانيّ عن أَبي بكْرٍ أَحْمَدَ بنِ موسَى التَّمِيميّ ؛ وأَيْضاً جَدُّ أَبي جَعْفرٍ أَحْمَدَ بنِ (٥) الحُسَيْن بنِ حفص الذَّكْوانيّ الهَمْدانيّ ثِقَة رَوَى عن جَدِّه ؛ وابنُ عَمِّه أَبو محمدٍ عبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ حفص ، محدِّثُونَ.
__________________
(١) في المفردات : حُظي.
(٢) ويروى : «غلاء» والغلاء بالكسر أمد جري الفرس وشوطه.
(٣) كذا والذي في التكملة المطبوع «كمحسنة» ضبط قلم.
(٤) سورة المائدة ، الآية ٣.
(٥) في اللباب : أحمد بن محمد بن الحسين.