ويُكْسَرُ ، وخَشْيَةً وخَشاةً ومَخْشاةً ومَخْشِيَةً ، على مَفْعِلَةٍ ، وخَشَياناً ، محرَّكةً ، فهذه سَبْعَة مَصادِر ، اقْتَصَرَ الجَوهرِيُّ منها على خَشْيَة.
وذَكَرَهنَّ ابنُ سِيدَه ما عَدا خِشْياً بالكسْرِ.
وذَكَرَ ابنُ برِّي الخَشاة ؛ وأَنْشَدَ له قَوْل الشاعِرِ :
كأَغْلَبَ من أُسُودِ كِرَاءَ وَرْدٍ |
|
يَرُدُّ خَشاته (١) الرَّجُل الظَّلُوم |
قال : كراءُ ثَنيَّة بيْشَةَ ، وحكَى ابنُ الأَعْرابيِّ : فَعَلْت ذلكَ خَشاة أَن يكونَ كذا ؛ وأَنْشَدَ :
فتَعَدَّيْتُ خَشاةَ أنْ يَرَى |
|
ظالمٌ أني كما كان زعمْ |
قالَ شيْخُنا : وقد نَظَمَ ابنُ مالِكٍ هذه المَصادِرَ في قوْله :
خشيتُ خَشْياً ومَخْشاةً ومَخْشِيَةً |
|
وخَشْيَةً وخَشَاةً ثم خَشْيَانا |
ثم قالَ : وقد قصر عمَّا للمصنِّف إذ يَبْقى عليه تَخْشاةً إلَّا أَنْ يقالَ إنَّه لم يَذْكرْها لغَرابَتِها إذا قيلَ إنَّها لا تُعْرَفُ عن غَيْر المصنِّفِ ، والظاهِرُ أنها في المُحْكم.
* قُلْتُ : هذا غَيْرُ صحيحٍ إذ لم يَذْكرِ المصنِّف غَيْر سَبْعَة مَصادر ، وأَمَّا تَخْشاة الذي ظَنَّه مَصْدَراً فليسَ هو كما ظنَّه بل هو مَعْطوفٌ على قوْلِه خشيه وهو فعْلُ ماضٍ من بابِ التَّفَعل.
خَشِيَه وتَخَّشاهُ ، كِلاهُما بمعْنَى خافَهُ.
هذا هو الحقُّ في سِياقِ المصنِّفِ وسَبَب هذا الغَلَط عَدَمُ وُجودِ النسخِ المَضْبوطَةِ المُصَحَّحة ، ورُبَّما يكونُ مِن عدمِ المَعْرِفَةِ في اصْطِلاحِه ، فرُبَّما يَعْتَمد الإنْسانُ على كلمةٍ غَيْر مَضْبوطَةٍ أَو ضُبِطَتْ على خَطَأٍ فيَنْسبُها للمصنِّفِ ، وهذا أَمْر خَطِرٌ قد وَقَعَ فيه كثيرٌ مِن المُصنِّفين الذين يَنْقلون عِبارَةَ القاموس في كُتُبهم ويُسْتَشْهدونَ بها ، كما وَقَعَ ذلكَ لشيخِ مشايخِنا العارِف باللهِ تعالى مولانا السيِّد مُصْطَفى بن كمال الدِّيْن البَكْري ، فَإنَّه ذَكَرَ في شرْحِه على ورد السحر عنْد قوله : عالى الدرج ، فضَبَطَه بضمَّتَيْن ، وأنَّه جَمَعَ درجة محرَّكة ، وساقَ عِبارَةَ المصنِّفِ بنَصِّه ، وفي آخرِها جمعه درج ، فسَبَقَ على ظنِّه أَنَّه جَمْعٌ للدَّرَجة ، وإنَّما هو جَمْعٌ للدرجة ، بالضمِّ ، للخرقة ، وقد نَبَّهْتُ على ذلكَ في رِسالَةٍ صغيرةٍ سَمَّيْتها تَعْلِيق السّرج على الدّرج.
ثم قَوْل شيْخِنا : لغَرابَتِها وأنَّها لا تُعْرَفُ ، هو كَلامٌ صَحِيحٌ ؛ وقوْلُه والظاهِرُ أَنَّها في المُحْكَم ، رَجْمٌ بالغَيْبِ وعَدَمُ اطِّلاعٍ في حالَةِ الكتابَةِ على نُسْحة المُحْكم.
ونحن ذَكَرْنا لكَ الذي في المُحْكَم وأنَّه ساقَ فيه على هذا النَّمط ما عدا خِشْياً بالكسْرِ ، فإنَّه ذَكَرَه الصَّاغانيُّ في التّكْملةِ ثم قالَ : وبقيَ عليه أيْضاً خِشْياً ، بالكسْرِ ، فإنَّها في كَلامِ المصنِّفِ دونَ ابنِ مالِكٍ ، هو صَحَيحٌ ولم يَذْكره في المُحْكَم أَيْضاً.
ثم قالَ : ويَبْقى النَّظَر في ذِكْرهم خَشَيان ، مع ما قَرَّرْناه فغَيْر مَرَّة أَنَّ فَعَلان ، بالفَتْح لا يُعْرَفُ في المَصادِرِ إلَّا في كلمتين لَيَان وشَنَان في لُغَةٍ ، ولم يَذْكروا الخَشَيان في المُسْتَثْنى بل قالوا لا ثالِثَ لَهُما ، واللهُ أَعْلم فتأَمَّل.
* قُلْتُ : هو كما ذُكِرَ وكأَنَّ ابنَ مالِكٍ سكَّنَه لضَرُورَةِ الشِّعْرِ على أَنِّى وَجَدْتُ بخطِّ الأرموي في نسخةِ المُحْكَم خَشْياناً ، بالكسْرِ ، فعلى هذا لا ضَرُورَة ، فتأَمَّل. ثم تَفْسِيره الخشْيَة بالخَوْفِ صَرِيحٌ في تَرادُفِهما ، والذي صَرَّح به الرَّاغبُ وغيرُهُ أَنَّ الخشْيَةَ خَوْفٌ مَشُوب بعظَمَةٍ ومَهابَةٍ ، وقالَ قَوْمٌ : خَوْفٌ مُقْتَرن بتَعْظيِم ، وكِلاهُما صَحِيحٌ ظاهِرٌ.
وهو خاشٍ وخَشٍ وخَشْيانُ ؛ الأَخيرُ اقْتَصَرَ عليه الجَوْهرِيُّ ؛ وهي خَشْيَى (٢) ، على القياسِ ؛ ويقالُ أَيْضاً : خَشْيانَةٌ ، على خلافِه ، كما جَزَمَ به المَرْزوقي.
قالَ شيْخُنا : ولعلَّه في لُغَةِ أَسَدٍ.
__________________
(١) في اللسان : خشاية.
(٢) في القاموس : خَشْياءُ.