والحَياةُ : المَنْفَعَةُ ؛ وبه فُسِّرَتِ الآيَةُ : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١) ؛ ومنه قوْلُهم : ليسَ لفلانٍ حَياةٌ ، أَي ليسَ عنْدَه نَفْعٌ ولا خَيْر.
وقالَ أَبو حنيفَةَ : حَيَّت النار تَحَيُّ حَيَاة ، فهي حَيَّة ، كما تقولُ : ماتَتْ فهي مَيْتَة. وحَيَا النارِ : حَياتُها.
وقالَ ابنُ برِّي : حَيُّ فلانٍ نَفْسُه ؛ وأَنْشَدَ أَبو الحَسَنِ لأبي الأَسْود الدُّؤَليّ :
أَبو بَحْرٍ أَشَدَّ الناسِ مَنّاً |
|
عَلَيْنَا بَعْدَ حَيِّ أبي المُغِيرَةْ |
أَي بَعْدَ أَبي المُغِيرَةِ ، وأَنْشَدَ الفرَّاء في مثْلِه :
أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني زِيادٍ |
|
وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ (٢) |
أَي قَبَحَ اللهُ بَني زِيادٍ وآباءَهُم (٣).
وقالَ ابنُ شُمَيْل : أَتانا حَيُّ فُلانٍ ، أَي في حَياتِهِ.
وسَمِعْتُ حَيَّ فلانٍ يقولُ كذا ، أَي سَمِعْته يقولُ في حياتِهِ.
وقالَ أبو حَنيفَةَ : أُحْيِيَتِ الأرضُ أَي اسْتُخْرِجَت.
وإحْياءُ المَواتِ : مُباشَرَتها بتأْثِيرِ شيءٍ فيها مِن إحاطَةٍ أَو زرع أَو عمارَةٍ ونَحْو ذلكَ تَشْبيهاً بإِحْياءِ المَيِّتِ.
وإحياءُ الليْلِ : السَّهَرُ فيه بالعِبادَةِ وتَرْك النَّوْمِ.
والشمسُ حيةٌ أَي صافيةُ اللّونِ لم يَدْخلها التفسير بدُنُوِّ المغِيبِ كأنه جَعَلَ مغيبها لها موتاً والحيُّ بلا كسر جمع الحياةِ ويقولون كيف أنت وكيف حَيَّةُ أَهْلكَ ، أَي كيفَ من بَقِيَ منهم حَيّاً.
وكلُّ ما هو حَيٌّ فجَمْعُه حَيَواتٌ ؛ ومنه قولُ مالِكِ بنِ الحارِثِ الكاهِلِيِّ :
فلا يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ |
|
منَ الحَيَواتِ لَيْسَ له جَنَاحُ (٤) |
وسَمَّى اللهُ دارَ الآخِرَة حَيَواناً لأنَّ كلَّ مَنْ صارَ إلى الآخِرَةِ لم يَمُتْ ودامَ حَيّاً فيها إمَّا في الجنَّةِ وإمَّا في النارِ.
والحَيَوانُ : عَيْنٌ في الجنَّةِ ، لا تصيبُ شيئاً إلَّا حَيِيَ بإِذْنِ اللهِ تعالى.
وحَيْوَةُ : اسمُ رجُلٍ ، وقد ذَكَرَه المصنِّفُ في حوي.
وإنَّما لم يُدْغَم لأنَّه اسمٌ مَوْضوعٌ لا على وَجْهِ الفعْلِ ؛ قالَهُ الجَوهرِيُّ.
وحَيَا الرَّبيعِ : ما تَحْيَى به الأرْضُ مِن الغَيْثِ.
وأَحْيَى اللهُ الأرضَ : أَخْرَجَ فيها النَّباتَ ، أَو أَحْيَاها بالغَيْثِ.
ورجُلٌ مُحَيِّيٌ ، وامْرأَةٌ مُحَيِّيَةٌ مِن التّحِيَّةِ.
ودائِرَةُ المُحَيَّا في الفَرَسِ حيثُ يَنْفرِقُ تحْتَ الناصِيَةِ في أَعْلَى الجَبْهَةِ.
واسْتَحى مِن كذا : أَنفَ منه ؛ وفي الحدِيثِ : «إِنَّ اللهَ يَسْتَحي مِن ذِي الشَّيبةِ المُسْلم أَنْ يعذِّبَه» ، ليسَ المُرادُ به انْقِباض النَّفْس إذ هو تعالى مُنَزَّه عن ذلكَ وإنَّما هو تَرْك تَعْذِيبِه ؛ قالَهُ الرَّاغبُ.
ويقالُ : فلانٌ أَحْيَى من الهَدِيِّ وأَحْيَى من مُخَدَّرَة وهُما مِن الحَياءِ ، وأَحْيَى من ضَبِّ مِن الحَياةِ.
وتَحَيَّى منه : انْقَبَضَ وانْزَوَى ، مَأْخُوذٌ مِن الحَياءِ على طريقِ التَّمْثيلِ ، لأنَّ مِن شأْنِ الحَيِيِّ أَن يَنْقَبَض ، أَو أَصْله تَحَوَّى قُلِبَتْ واوُه ياءً ، أَو تَفعلَ (٥) ، مِن الحَيِّ وهو الجَمْعُ ، كتَحَيَّز من الحَوْزِ.
وَأَرْضٌ مَحْياةٌ ومَحْواةٌ أَيْضاً ، حَكَاه ابنُ السرِّاج ، أَي ذات حَيَّات ، نَقَلَهُ الجَوهرِيُّ.
ومِن الأمْثالِ في الحَيَّةِ : يقولونَ : هو أَبْصَرُ مِن حَيَّةٍ ، لحدَّةِ بَصَرِها ، وأَظْلَم مِن حَيَّةٍ ؛ لأنَّها تأْتِي جُحْر الضَّبِّ فتأْكُلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها.
وفلانٌ حَيَّةُ الوادِي : إذا كانَ شَدِيدَ الشَّكِيمة حامِياً
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٧٩.
(٢) اللسان والتهذيب ، وهو ليزيد بن مفرغ ، (حاشية التهذيب).
(٣) في اللسان والتهذيب : وأباهم.
(٤) اللسان والتهذيب.
(٥) اللسان : تفيعل.