وغَلَطُ الجَوْهرِيِّ فاحِشٌ في قوْلِه أَي الأعْرابي ، وهو أَبو شنبل ، في أَبي عَمْرو الشَّيْبانيّ :
قد كنتُ أَحجو أَبا عَمْرو أَخا تِقّةٍ |
|
حتى أَلَمّتْ بنا يوم مُلَمَّاتُ |
فقلت والمَرْء قد تُخْطِيه مَنِيّتُه |
|
أَدْنى عَطِيّتِهِ إياي مئيّاتُ |
وكانَ ما جادَ لي لا جادَ من سَعَةٍ
دَراهِمٌ زائفاتٌ ضَرْبجَيَّاتُ (١) هذا هو الصَّوابُ في الإِنْشادِ.
وفي الصِّحاح :
ثلاثَةٌ زائِفاتٌ ضَرْبُ جَيَّات
فإنَّه قالَ : أَي ضَرْبُ أَصْبَهانَ فَجَمَعَ جَيًّا باعْتِبار أجْزائِها ، ونَصُّ الجَوهرِيّ : يعْنِي من ضَرْب جَيِّ وهو اسمُ مدينَةِ أَصْبَهان مُعَرَّب والصَّوابُ كما قَدَّمْنا ضَرْبَجِيَّاتٌ ، والقافِيَةُ مَرْفُوعَةٌ ، أَي رَدِيئاتٌ (٢) جَمْعُ ضَرْبَجِيِّ.
قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ : دِرْهَمٌ ضَرْبَجِيُّ زائِفٌ ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ زيف قسى.
* قُلْتُ : قَوْلُهم دِرْهَمٌ ضَرْبَجِيٌّ زائِفٌ ، الأصْلُ فيه أَنّه مِن ضَرْب جَيِّ وهي المدينَةُ القديمَةُ ، ثم صارَ عَلَماً على الدِّرِهم الزائفِ لكونِ فِضَّتِها صَلُبَتْ من طولِ الخباءِ واسْوَدَّتْ ، ثم جَمَعُوه على ضَرْبَجِيَّات ، ورَاعَى الجَوْهريُّ ذلكَ فقالَ : يَعْنِي مِن ضَرْب جَيِّ وهو صَحِيحٌ إلَّا أَنَّه فَصَلَ في الرَّسْم بينَ ضَرْب وجِيَّات وهُما مُتَّصِلَتانِ وكَسَر التاءَ وهي مَرْفوعةٌ ، ورامَ شيْخُنا أَن يُجيبَ عن الجَوْهري فلم يَفْعَل شيئاً ومَثَّلَه بقَوْلِ الفرَّاء الجراصِلُ كعُلابِطٍ الجَبَلُ وإنَّما هو الجرأصل الجَبَلُ وفيه تأَمَّلٍ. وقالَ ابنُ الأعْرابِيِّ : جَاياهُ من قُرْبٍ مُجاياةً إذا قابَلَهُ.
وَمَرَّ بِي مُجاياةً أَي مُقابَلةً ، لُغَةٌ في الهَمْزَةِ.
يقالُ : جاآني ، وقد تقدَّمَ هناك أَنَّهُ مُعْتل العَيْنِ مَهْموزُ اللامِ على الصَّوابِ فرَاجِعْه.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
الجِياءُ ، بالكسْرِ : وِعاءُ القِدْرِ ؛ نَقَلَه الجَوْهريُّ.
وقد تقدَّمَ للمصنِّفِ قَريباً وهذا مَوْضِعُ ذِكْرِه.
فصل الحاء مع الواو والياء
[حبو] : وحَبَا الشَّيءُ حُبُوَّا ، كسُمُوِّ : دَنَا ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ :
وأَحْوَى كأيْمِ الضَّالِ أَطْرَقَ بعدَ ما |
|
حَبَا تَحْتَ فَيْنانٍ من الظِّلِّ وارفِ (٣) |
ومنه حَبَوْتُ للخَمْسِين : دَنَوْتُ لها.
وقالَ ابنُ سِيدَه : دَنَوْتُ منها.
قالَ ابنُ الأَعْرابي : حَبَاها وحَبا لَها أَي دَنَا لَها.
وحَبَتِ الشَّراسِيفُ حَبْواً : طالَتْ فَتَدانَتْ (٤) ؛ وإنَّه لحَابِي الشَّراسِيفِ أَي مُشْرِفُ الجَنْبَيْنِ.
وحَبَتِ الأَضْلاعُ إلى الصُّلْبِ : اتَّصَلّتْ ودَنَتْ ، قالَ العجَّاج :
حَابِي الجيودِ فارِضُ الحُنْجُورِ (٥)
قالَ الأَزْهريّ : يعْنِي اتِّصالَ رُؤوس الأَضْلاعِ بَعْضها بِبَعْضٍ ، وقالَ أَيْضاً :
حابِي جُيُودِ الزَّوْرِ دَوْسَرِيّ (٦)
وقالَ آخَرُ :
__________________
(١) الأبيات في التكملة وفيها «يوماً ملمات» وقوله : ميئات أي مئون ، وأصل مئة مئية بوزن معية ، فأخرجها على الأصل (تكملة) والبيت الثالث في الصحاح واللسان برواية مختلفة سيذكرها الشارح.
(٢) في القاموس : رَدِيَّاتٌ.
(٣) اللسان.
(٤) على هامش القاموس عن نسخة : وتَدَانَتْ.
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) اللسان والتهذيب ، والدوسري : الجريء الشديد.