قالَ الفرَّاءُ : إذا جَلَّى الظُّلْمةَ فجازَتِ الكِنايَةُ عن الظُّلْمَةِ ولم تذكر في أَوَّلِه لأَنَّ معْناها مَعْروف ، أَلَا تَرى أَنَّك تقولُ : أَصْبَحتْ باردةً وأَمْسَتْ عَرِيَّةً وهَبَّتْ شمالاً ؛ فكنّ (١) مُؤَنَّثاتٍ لم يَجْرِ لهنَّ ذكْر لأنَّ معْناهنَّ مَعْروفٌ.
وقالَ الزجَّاجُ إذا بيَّنَ الشمسَ لأنَّها تبين إذا انْبَسَطَ.
وجَلَّى عنه وقَدِ انْجَلَى الهمّ والأَمْر وتَجَلَّى. يقالُ : انْجَلَتْ عنه الهُمُوم كما تَنْجلي الظُّلْمةُ.
وفي حديثِ الكُسوف : حتى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ ، أَي انْكَشَفَتْ وخَرَجَتْ من الكسوفِ.
وقالَ الرّاغبُ : التَّجَلِّي قد يكونُ بالَّذاتِ نَحْوَ : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى) (٢) ؛ وقد يكونُ بالأَمْرِ والفِعْلِ نَحْو (فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (٣).
* قلت : قال الزجَّاجُ : أَي ظَهَرَ وبانَ ، قالَ : وهذا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وقالَ الحَسَنُ : تَجَلَّى بالنُّورِ العَرْش.
وجَلَا بثَوْبِه جَلْواً : رَمَى به ؛ عن الزجَّاج.
وجَلَا : إذا عَلَا ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ.
وجَلَا العَرُوسَ على بَعْلِها جَلْوَةً ، ويُثَلَّثُ ، واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الكسْرِ ، وجِلاءَ ، ككِتابٍ (٤) ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عن أَبي نَصْر ، وكَذلِكَ اجْتَلَاها : أَي عَرَضَها عليه مَجْلُوَّةً ، وقد جُلِيَتْ على زَوْجِها.
وفي الصِّحاحِ : جَلَوْتُ العَرُوسَ جِلاءً وجَلْوَةً واجْتَلَيْتُها : نَظَرْتُ إليها مَجْلُوَّةً.
وجَلَاها وجَلَّاها زَوْجُها وَصِيفةً أَو غيرَها : أَعْطاها إِيَّاها في ذلك الوَقْتِ ؛ التّخْفيفُ عن الأصمعيّ.
وجِلْوَتُها ، بالكسْرِ : ما أَعْطاها مِن غُرَّةٍ أَو دَراهِمَ ؛ ومن التَّشْديدْ حَديثُ ابنِ سِيْرِين : كَرِهَ أَنْ يَجْلِيَ امْرَأَتَه شيئاً ثم لا يَفِيَ به.
ويقالُ : ما جِلْوَتُها ؛ فيقالُ : كذا وكذا. واجْتَلاهُ : نَظَرَ إليه ؛ ومنه اجْتِلاء الزَّوْج العَرُوس.
والجَلاءُ ، كسَماءِ : الأَمْرُ الجَلِيُّ البَيِّنُ الواضِحُ ؛ تقولُ منه : جَلَا لي الخَبرُ أَي وَضَح ؛ هكذا ضَبَطَهُ الجوْهرِيُّ وأَنْشَدَ لزهيرٍ :
فإنَّ الحقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ |
|
يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ (٥) |
قالَ يُريدُ الإقْرارَ.
* قُلْتُ : وضَبَطَه الأزْهريُّ بكسْرِ الجيمِ ، وأَرادَ به البَيِّنةَ والشُّهودَ من المُجالاةِ ، وقد تقدَّمَ بيانُه في قطع.
ومِن المجازِ : أَقَمْتُ عنْدَه جَلاءَ يَوْمٍ ، أَي بياضَه ؛ عن الزجَّاجِ ؛ قالَ الشاعِرُ :
ما ليَ إنْ أَقْصَيْتَنِي من مَقْعدِ |
|
ولا بهَذِي الأرْضِ من تَجَلُّدِ |
إلَّا جَلاءَ اليومِ أَو ضُحَى غَدِ (٦)
والجِلاءُ ، بالكسْرِ : الكُحْلُ ، وكتابَتُه بالألِفِ عن ابنِ السِّكِّيت. وفي حدِيثِ أُمِّ سَلمة : «أَنَّها كَرِهَتْ للمُعِدِّ أَنْ تَكْتَحِلَ بالجِلاءِ» ، هو الإثْمدُ.
أَو كُحْلٌ خاصٌّ يَجْلُو البَصَرَ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لبعضِ الهُذَلِيِّين ، هو أَبو المُثَلِّم :
وأَكْحُلْكَ بالصابِ أَو بالجَلاء |
|
ففَتِّحْ لذلك أَو غَمِّض (٧) |
وجَلَّى ببَصَرِهِ تَجْلِيةً : إذا رَمَى (٨) به كما يَنْظُرُ الصَّقْر إلى الصَّيْدِ ؛ قالَ لبيدٌ :
__________________
(١) في التهذيب : فكنى عن مؤنثات.
(٢) سورة الليل ، الآية ٢.
(٣) سورة الأعراف ، الآية ١٤٣.
(٤) قوله : «ككتاب» في القاموس ، وقد سها عنها الشارح ، فاعتبرها خارجة.
(٥) ديوانه ص ٧٥ واللسان والتهذيب والتكملة والصحاح.
(٦) اللسان والتهذيب وفيه : «ضحى الغد».
(٧) شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٠٧ في شعر أبي المثلم برواية : «أو بالجلا ففقح» واللسان منسوباً فيه للمتنخل الهذلي ، وقد ذكر في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٣٤٧ في زيادات شعر المتنخل ، والصحاح لبعض الهذليين ، وفي التهذيب بدون نسبة ، وصحح ابن بري نسبته ولأبي المثلم.
(٨) على هامش القاموس عن نسخة : به.