تُسائلُ من رَأَى ابْنَيْها |
|
وتَسْتَبِغي فما تُبْغَى |
وبَيَّنَ بمعْنَى تَبَيَّنَ.
وشاهِدُ الابْتِغاءِ قَوْلُه تعالى : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) (١).
وقالَ الرَّاغبُ : الابْتِغاءُ خصَّ بالاجْتِهادِ في الطَلَبِ ، فمَتى كانَ الطَّلَبُ لشيءٍ مَحْمود فالابْتِغاءُ فيه مَحمودٌ نَحْو (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) (٢).
وقَوْلُه تعالى : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٣).
والبَغِيَّةُ ، كرَضِيَّةٍ : ما ابْتُغِيَ كالبُغْيَةِ ، بالكسْرِ والضَّمِّ.
يقالُ : بَغِيَّتي عنْدَكَ وبِغْيَتي عنْدَكَ.
ويقالُ : ارْتَدَّتْ على فلانٍ بُغْيَتُه ، أَي طَلِبَتُه ، وذلِكَ إذا لم يَجِدْ ما طَلَبَ.
وفي الصِّحاحِ : البُغْيَةُ : الحاجَةُ. يقالُ : لي في بَني فلانٍ بَغْيَةٌ وبُغْيَةٌ ، أَي حاجَةٌ ، فالبِغْيَةُ مثْلِ الجِلْسَةِ الحاجَةُ التي تَبْغِيها والبُغْيَةُ الحاجَةُ نَفْسُها ؛ عن الأَصْمعيّ.
والبَغِيَّةُ : الضَّالَّةُ المَبْغِيَّةُ.
وأَبْغاهُ الشيءَ : طَلَبَه له. يقالُ : أبْغِني كذا وابْغِ لي كذا ؛ كَبَغاهُ إيَّاهُ ، كرَمَاهُ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ :
وكم آمِلٍ من ذي غِنىً وقَرابةٍ |
|
ليَبْغِيَه خيراً وليسَ بفاعِل (٤) |
وبهما رُوِي
الحدِيثُ : «أبْغِني أَحْجاراً لأَسْتَطِيب (٥) بها» ، بهَمْزَةِ القَطْعِ والوَصْلِ.
أَو أبْغاهُ خَيْراً : أَعَانَهُ على طَلَبِهِ.
ومعْنَى قَوْلِهم : أَبغِني كذا ، أَي أعِنِّي على بُغائهِ. وقالَ الكِسائيُّ : أَبْغَيْتُك الشيءَ إذا أَرَدْتَ أنكَ أَعَنْته على طَلَبِه ، فإذا أَرَدْتَ أنَّك فَعَلْتَ ذلِكَ له قُلْتَ له : قد بَغَيْتُكَ ، وكَذلِكَ أَعْكَمْتُك أَو أَحْمَلْتُك.
وعَكَمْتُكَ العِكْم : أَي فَعَلْته لكَ.
وقالَ اللَّحْيانيُّ : اسْتَبْغَى القَوْمَ فبَغَوْهُ وبَغَوْا له أَي : طَلَبُوا له.
والباغِي : الطَّالِبُ.
وفي حَدِيثِ أَبي بكْرٍ ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنه ، في الهِجْرةِ : «لقِيهما رجُلٌ بكُراعِ الغَمِيمِ فقالَ : مَنْ أَنْتم؟
فقالَ أَبو بكْرَ : باغٍ وهادٍ» ؛ عَرَّضَ بِبُغاءِ الإِبِلِ وهِدَايَة الطَّريقِ ، وهو يُريدُ طلبَ الدِّينِ والهِدايَةِ من الضّلالَةَ ؛ وقالَ ابنُ أَحْمر :
أَو باغِيانِ لبُعْرانٍ لنا رَفَضَتْ |
|
كي لا يُحِسُّون من بُعْرانِنا أَثَرَا (٦) |
قالوا : أَرادَ كيفَ لا يُحِسُّون.
ج بُغاةٌ ، كقاضٍ وقُضاةٍ ، وبُغيانٌ ، كرَاعٍ ورُعاةٍ ورُعْيان ؛ ومنه حدِيثُ سُراقَة والهِجْرةِ : «انْطَلِقُوا بُغياناً» ، أَي ناشِدِينَ وطالِبِينَ.
وفي الصِّحاحِ : يقالُ : فَرِّقُوا لهذه الإِبِلِ بُغياناً يُضِبُّون لها أَي يَتَفَرَّقون في طَلَبِها.
فقولُ شيخِنا : وأَمَّا بُغيان ففيه نَظَرٌ مَرْدودٌ.
وانْبَغَى الشَّيءُ : تَيَسَّرَ وتَسَهَّلَ.
وقالَ الزجَّاجُ : انْبَغَى لفلانٍ أَنْ يَفْعَل ، أَي صَلَحَ له أَنْ يَفْعَل كذا ، وكأنَّه قالَ طَلَبَ فِعْلَ كذا فانْطَلَبَ له أَي طاوَعَهُ ، ولكنَّهم اجتزوا بقَوْلِهم انْبَغَى.
وقالَ الشَّريفُ أَبو عبدِ اللهِ الغرْناطيُّ في شرْحِ مَقْصُورَةِ حازم : قد كانَ بعضُ الشيوخ يَذْهَبُ إلى أَنَّ العَرَبَ لا تقولُ انْبَغَى بلَفْظِ الماضي ، وأنَّها إنَّما اسْتَعْمَلَتْ هذا الفَعْلَ في صيغَةِ المُضارِعِ لا غَيْر ، قالَ : وهذا يردّه نَقْل
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٧.
(٢) سورة الإسراء ، الآية ٢٨.
(٣) سورة الليل ، الآية ٢٠.
(٤) اللسان وعجزه في الصحاح ، وفي اللسان : لتبغيه.
(٥) في اللسان : «أستطب».
(٦) اللسان والتهذيب برواية : «رقصت كي لا تحسون ...».