وفي حدِيث آخر : «كان إذا اهْتَمَّ لشيءٍ بَدَا» ، أَي خَرَجَ إلى البَدْوِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ : يُشْبِهُ أَنْ يكونَ يَفْعَل ذلِكَ ليَبْعُدَ عن الناسِ ويَخْلُو بنَفْسِه ؛ ومنه الحدِيثُ : «كان يَبْدُو إلى هذه التِّلاعِ».
وفي حدِيثِ الدّعاءِ : فإنَّ جارَ البادِي يَتَحَوَّلُ ؛ وهو الذي يكونُ في البادِيَةِ ومَسْكَنَهُ المَضارِبُ والخِيامُ ، وهو غَيْرُ مُقيِم في مَوْضِعِه بِخلافِ جارِ المُقامِ في المدر (١) ؛ ويُرْوى النادِي ، بالنونِ.
وفي الحدِيثِ : «لا يَبعْ حاضِرٌ لبادٍ».
وقَوْلُه تعالى : (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) (٢) أَي وَدّوا أنَّهم في البادِيَةِ.
قالَ ابنُ الأَعْرابيِّ : إنَّما يكونُ ذلِكَ في ربِيعِهم ، وإلَّا فهُم حُضَّارٌ على مِياهِهم.
وقَوْمٌ بُدىً ، كهُدىً ، وبُدّى ، كغُزّى : بادُونَ ، أَي هُما جَمْعا بادٍ.
وبَدْوَتَا الوادِي : جانِباهُ ؛ عن أَبي حنيفَةَ.
والبَدَا ، مَقْصوراً ، السَّلْحُ ، وهو ما يَخْرجُ مِن دُبرِ الرَّجُلِ.
وبَدَا الرَّجُلُ : أَنْجَى فَظَهَرَ نَجْوُهُ من دُبُرِهِ ، كأَبْدَى ، فهو مُبْدٍ ، لأنَّه إذا أَحْدَثَ بَرَزَ مِن البيوتِ ، ولذا قيل له : المُتَبَرِّزُ أَيْضاً ، وهو كِنايَةٌ.
وبَدَا الإنْسانُ ، مَقْصوراً : مَفْصِلُهُ ، ج أَبْداءٌ.
وقالَ أَبو عَمْرو : الأَبْداءُ المَفاصِلُ ، واحِدُها بَداً ، وبُدْءٌ ، بالضمِّ (٣) مَهْموزاً ، وجَمْعُه بُدُوءٌ ، بالضمِّ كقُعُودٍ.
والبَدِيُّ ، كرَضِيِّ ، ووادِي البَدِيِّ ، كرَضِيِّ أَيْضاً ، وبَدْوَةُ وبَدَا ودارَةُ بَدْوَتَيْنِ : مَواضِعُ. أَمَّا الأوَّل : فقَرْيةٌ مِن قُرَى هَجَر بينَ الزَّرائبِ والحَوْضَتَيْنِ ؛ قالَ لبيدٌ :
جَعَلْنَ حراجَ القُرْنَتَيْنِ وعالِجاً |
|
يميناً ونَكَّبْنَ البَدِيِّ شماليا (٤) |
وأَمَّا الثَّاني : فوادٍ لبَني عامِرٍ بنَجْدٍ ؛ ومنه قَوْلُ امْرئِ القَيْسِ :
فوادِي البَدِيِّ فانتحى لا ريض (٥)
وأَمَّا الثَّالِثُ : فجَبَلٌ لبَني العَجْلانِ بنَجْدٍ ؛ قالَ عامِرُ بنُ الطّفَيْل :
فلا وأَبِيك لا أَنْسَى خَلِيلي |
|
ببَدْوَة ما تَحَرَّكتِ الرِّياحُ (٦) |
وقالَ ابنُ مُقْبِل :
أَلا يا لقومي بالدِّيارِ ببَدْوَة |
|
وأَنَّى مراحُ المَرْءِ والشَّيْبُ شامِل (٧) |
وأَمَّا الرابِعُ : فوادٍ قُرْبَ أَيْلَةَ مِن ساحِلِ البَحْرِ ؛ وقيلَ : بوادِي القُرَى ؛ وقيلَ : بوادِي عُذْرَةَ قُرْبَ الشأمِ ، كانَ به مَنْزلُ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ وأَوْلادِه ؛ قالَ الشاعِرُ :
وأَنْتِ التي حَبَّبتِ شَغْباً إلى بَداً |
|
إليَّ وأَوْطاني بِلادٌ سِواهُمَا |
حَلَلْتِ بهذا حَلَّة ثم حَلَّةً |
|
بهذا فطَابَ الوَادِيانِ كِلاهُما (٨) |
وأَمَّا الخامِسُ : فهُما هضْبتان لبَني ربيعَةَ بنِ عقيل بَيْنهما ماءٌ.
__________________
(١) في اللسان : المدن.
(٢) سورة الأحزاب : من الآية ٢٠.
(٣) ضبطت في اللسان بالكسر ، وفي المقاييس ١ / ٢١٣ والتهذيب بالفتح ، جميعها ضبط قلم.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١١٧ وفيه : «وناعتا» بدل «وعالجاً» و «شمائلاً» بدل «شمالياً» والبيت في الصحاح واللسان ومعجم البلدان «البدي».
(٥) من ديوانه ط بيروت ص ١٢٦ برواية :
عريضة وأرض أريضة |
|
فانتحى للأريض |
وصدره في ياقوت :
أصاب قطاتين فسال عواهما
(٦) ديوانه ط بيروت ص ٣٩ ومعجم البلدان «بدوة».
(٧) معجم البلدان «بدوة» ونسبه لتميم بن أبي بن مقبل. برواية : للديار ببدوة ... والشيب شاملُه»
(٨) معجم البلدان «بدا».