منهم الزجَّاجُ : آناءُ الليلِ ساعَاتُه ، واحِدُها إِنْيٌ وإِنىّ ، فمَنْ قالَ إنيٌ فهو مثْلُ نِحْي وأَنْحاءٍ ، ومَنْ قالَ إِنىً فهو مِثْلُ مِعىً وأَمْعاءٍ ؛ قالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَليُّ :
السالكُ الثَّغْرَ مَخْشِيّاً مَوارِدُه |
|
في كُلِّ إِنْيٍ قَضاهُ الليْلُ يَنْتَعِلُ (١) |
قالَ الأزْهرِيّ : كذا رَوَاهُ ابنُ الأنْبارِي (٢) ؛ وأَنْشَدَه الجَوْهرِيُّ :
حُلْو ومُرٌّ كقِدْحِ العَطْفِ مِرَّتُه |
|
في كلِّ إنْيٍ قَضاه الليلُ يَنْتَعِلُ (٣) |
وقالَ ابنُ الأنْبارِي : واحِدُ آناءِ الليْلِ على ثلاثَةِ أَوْجُه : أنْي (٤) بسكونِ النونِ ، وإِنى بكسْرِ الألفِ ، وأَنى بفتْحِ الألفِ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ في الإِنَى :
أَتَمَّتْ حَمْلَها في نصفِ شهْرٍ |
|
وحَمْلُ الحامِلاتِ إنىً طويلُ (٥) |
ومَضَى إِنْوٌ مِن الليْلِ : أَي وَقْتٌ ، لُغَةٌ في إنْي.
قالَ أَبو عليِّ : وهذا كقَوْلهم جَبَوْت الخَراجَ جِباوَةَ ، أُبْدِلَتِ الواوُ من الياءِ.
والإِنَى ، كإلَى وعلى : كُلُّ النَّهارِ ، ج آناءٌ ، بالمدِّ.
وأُنِيٌّ وإِنيٌّ ، كعُتِيِّ بالضمِّ والكسْرِ ؛ ومنه قَوْلُ الشاعِرِ :
يا لَيْتَ لي مِثْلَ شَرِيبي مِنْ نُمِيّ |
|
وهُوَ شَرِيبُ الصِّدْقِ ضَحَّاكُ الأُنِيّ (٦) |
يقولُ : في أَيِّ ساعَةٍ جِئْته وَجَدْته يَضْحَك.
وأُنَا ، كَهُنا أَو كَحَتَّى ، أَو بكَسْرِ النُّونِ المُشَدَّدَةِ : بِئْرٌ بالمَدينَةِ لبنِي قُرَيْظَةَ ، وهناك نَزَلَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم ، لمَّا فَرَغَ مِن غزْوَةِ الخنْدَقِ وقَصَدَ بَني النَّضِير ؛ قالَهُ نَصْر وضَبَطَه بالضمِّ وتَخْفيفِ النُّونِ. ومنهم مَنْ ضَبَطَه بالموحَّدَةِ كحَتَّى وقد تقدَّمَ.
وأُنَا ، كهُنَا : وادٍ بطَريقِ حاجِّ مِصْرَ قُرْبَ السَّواحِل بينَ مَدْيَن والصَّلا ؛ عن نَصْر ؛ وإليه يُضَافُ عينُ أُنَى ؛ وبعضُهم يقولُ : عينُ وَنَى.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
أَنَى يَأْنى أَنْياً : إذا رَفَقَ ، كتَأَنىَّ ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ.
وحكَى الفارِسِيُّ : أَتَيْتَه آنِيَةٌ بعد آنِيَةٍ (٧) ، أَي تارَةً بعد تارَةٍ (٨).
قالَ ابنُ سِيدَه : وأُراهُ بَنى من الإِنَى فاعِلَة ، والمَعْروفُ آوِنَة.
ويقالُ : لا تَقْطَعْ إِنَاتَك ، بالكسْرِ ، أَي رَجاكَ وآناهُ : أَبْعَده مِثْل أَناءه ؛ وأَنْشَدَ يَعْقوبُ للسلمية :
عن الأَمْرِ الذي يُؤْنِيكَ عنه |
|
وعَن أَهْلِ النَّصِيحةِ والودادِ (٩) |
ويَقُولُونَ في الإِنْكارِ والاسْتِبعادِ : إِنَيْه ، بكسْرِ الألِفِ والنُّونِ وسكونِ الياءِ بَعْدها هاء ، حَكَى سِيْبَوَيْه : أَنَّه قيلَ لأَعرابيِّ سَكَنَ البَلَدَ : أَتَخْرج إذا أخْصَبَتِ البادِيَةُ؟ فقالَ : أَأنا إِنِيه؟ يعْنِي أَتَقُولُونَ لي هذا القَوْل وأَنا مَعْروفٌ بهذا الفِعْل؟ أَنْكَر اسْتِفهامَهم إِيَّاه. وهذه اللَّفْظَةُ قد وَرَدَتْ في حدِيثِ جُلَيْبِيب في مُسْندِ أَحْمد ، وفيها اخْتِلافٌ كثيرٌ ، راجع النهاية.
وآنِيُ بالمدِّ وكسْرِ النونِ : قَلْعَةٌ حَصِينَةٌ ، ومَدينَةٌ بأَرْضِ إرْمِينِيَة بينَ خلاط وكنجة ، عن ياقوت.
__________________
(١) بهذه الرواية ورد في الصحاح. واللسان وفيه «بكل إِنّي».
(٢) كذا بالأصل نقلاً عن اللسان ، والذي في التهذيب :
بكل إني قضاه الله ينتعل
(٣) أورد اللسان والصحاح أيضاً هذه الرواية ، والبيت في شعره في ديوان الهذليين ٢ / ٣٥ برواية :
حلو ومرّ كعطف القدح مرّته |
|
بكل إنّيٍ حذاه الليل ينتعل |
(٤) وردت في اللسان والتهذيب «إنّي» بكسر الهمزة.
(٥) اللسان والتهذيب.
(٦) اللسان والمقاييس ١ / ١٤٢ وزاد فيها شطراً ثالثاً :
إذا الدلاء حملتهن الدَّلي
(٧) في المقاييس ١ / ١٤٣ واللسان : آينة بعد آينةٍ.
(٨) في المقاييس : أحياناً بعد أحيان ، ويقال : تارة بعد تارة.
(٩) اللسان.