ووُجِدَ في بعضِ نسخِ الصِّحاحِ بخطِّ المصنِّفِ : وبعضُهم يقولُ آوَّهْ بالمدِّ والتَّشْديدِ وفتْحِ الواوِ ساكِنَة الهاءِ (١).
وما ذَكَرْناه أَوّلاً هو نَصُّ أَبي سَهْلٍ الهَرَويّ في نسختِه.
ويقولونَ : آوُوهُ ، بضمِّ الواوِ ؛ هذا ضَبْطٌ غيرُ كافٍ ، والأولى ما ضَبَطَه ابنُ سِيدَه فقالَ بالمدِّ وبواوَيْنِ ؛ نَقَلَه أَبو حاتِمٍ عن العَرَبِ.
وآهٍ بكسْرِ الهاءِ مُنَوَّنَةً ، أي مع المدِّ وقد تقدَّمَ كَسْرُ الهاءِ من غيرِ تَنْوِينٍ وهُما لُغتانِ.
وقالَ ابنُ الأَنبارِي : آهِ مِن عذابِ اللهِ وآهٍ مِن عذابِ اللهِ.
وليسَ في سِياقِ المصنِّفِ ما يدلُّ على المدِّ كما قبْله وهو قُصُورٌ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : آهِ هو حِكَايةُ المُتَأَهِّة في صوْتِه ، وقد يَفْعلُه الإنسانُ شَفَقةً وجَزَعاً.
وآوٍ ، بكسْرِ الواوِ مُنَوَّنَةً وغيرَ مُنَوَّنَةٍ ، أَي مع المدِّ غَيْر مُشَدَّدَةِ الواوِ.
وأَوَّتاهُ ، بفتْحِ الهَمْزةِ والواوِ والمُثناةِ الفوقِيَّةِ.
ونَصُّ الجوْهرِيّ : ورُبَّما أَدْخلُوا فيه التاءَ فقالوا : أَوَّتاهُ ، يُمَدُّ ولا يُمَدُّ.
وضَبْطُ المصنِّفِ فيه قُصُورٌ. وآوِيَّاهُ ، بتَشْديدِ المُثناةِ التحتيةِ مع المدِّ ، فهي ثلاثُ عَشَرَة لُغَةٍ ، وإذا اعْتَبَرْنا المدَّ في أَوَّتاه وفي آوُوهٍ فهي خَمْسُ عَشَرَة لُغَةٍ.
وحُكِيَ أَيْضاً : آهاً بالمدِّ والتَّنْوينِ ، وواهاً بالواوِ ، وأَوُّوه بالقَصْرِ وتَشْديدِ الواوِ المَضْمومَةِ ، وأَوَّاه كشَدَّادٍ ، وهاه وآهَة ، فهنَّ اثْنَتان وعِشْرُون لُغَة ؛ كلُّ ذلِكَ كلمَةٌ تقالُ عند الشِّكايَةِ أَو التَّوَجُّعِ والتَّحَزُّنِ ؛ وقد جاءَ في حدِيثِ أَبي سعِيدٍ : «أَوْهِ عَيْنُ الرِّبا» ، ضَبَطُوه كجَيْرِ. وفي حدِيثٍ آخَر : «أَوَّهْ لفِراخِ محمدٍ من خليفَةٍ يُسْتَخْلفُ» ، ضَبَطُوه بتَشْديدِ الواوِ وسكونِ الهاءِ.
آهَ الرَّجُلُ أَوْهاً وأَوَّهَ تَأْوِيهاً وتأَوَّهَ : قالَها ، والاسْمُ منه الآهَةُ ، بالمدِّ ؛ قالَ المُثَقِّبُ العَبْدِيُّ :
إذا ما قمتُ أَرْحَلُها بليلٍ |
|
تأَوَّهُ آهَةَ الرجلِ الحزينِ (٢) |
ويُرْوَى أَهَّةَ ، كما في الصِّحاحِ.
وقالَ ابنُ سِيدَه : وعنْدِي أَنَّه وضعَ الاسْم مَوْضِع المَصْدَرِ أَي تَأَوَّهُ تأَوُّهَ الرَّجُلِ ، قيلَ : ويُرْوى :
تَهَوَّه هاهَةَ الرَّجُلِ الحزينِ
والأَوَّاهُ ، كشَدَّادٍ : المُوقِنُ بالإِجابَةِ ، أَو الدَّعَّاءُ ، أَي كَثيرُ الدّعاءِ ، وبه فُسِّر الحدِيثُ : «اللهُم اجْعَلْني مُخْبِتاً أَوَّاهاً مُنِيباً».
أَو الرَّحيمُ الرَّقِيقُ القَلْبِ ، وبه فُسِّرتِ الآيَةُ : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ) (٣).
أَو الفقيهُ ، أَو المُؤْمِنُ بالحَبَشِيَّةِ ، وبكلِّ ذلكَ فُسِّرتِ الآيَةُ.
ويقولونَ في الدّعاءِ على الإِنسانِ : آهَةٌ وماهَةٌ.
حكَى اللّحْيانيُّ عن أَبي خالِدٍ قالَ : الآهَةُ : الحَصْبَةُ ، والماهَةُ : الجُدَرِيُّ.
قالَ ابنُ سِيدَه : أَلفُ آهَةٍ واو لأنَّ العينَ واواً أَكْثَر منها ياء.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
رجُلٌ أَوَّاهٌ : كثيرُ الحُزْنِ.
وقيلَ : هو الدّعَّاءُ إلى الخيْرِ.
وقيلَ : المُتَأَوَّهُ شَفَقاً وفَرَقاً.
وقيلَ : المُتَضَرِّعُ يَقِيناً ، أَي إِيقاناً بالإِجابَةِ ولزوماً للطَّاعَةِ.
__________________
(١) وهذه رواية الصحاح المطبوع.
(٢) المفضلية ٧٦ البيت ٣٥ واللسان والتهذيب والصحاح والمقاييس ١ / ١٦٢ ويروى : تهوّه هاهة.
(٣) هود ، الآية ٧٥.