يومها لغدها وتمضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن ، وحتى في ليلة الحادي عشر من المحرم وهي تتلوى من آلام تلك المجزرة الرهيبة واخوتها صرعى مجزرين كالاضاحي لم تدع صلاة الليل وتلاوة القرآن ، وقد تحدثنا عن صبرها وشجاعتها وبعض مواقفها الخالدة التي كانت ولا تزال من اغنى المواقف البطولية بالقيم والمثل العليا في تاريخ الابطال.
لقد بقيت زينب ابنة علي مع امها ست سنوات وفي هذه المرحلة من طفولتها كانت ترى امها الزهراء تقوم للصلاة والعبادة حتى ينقضي الشطر الاكبر من الليل وتبيت طاوية وتطعم ما عندها الايتام والمساكين وتلبس الثياب الخلقة البالية وتكسو الفقراء جديد الملابس ، ورآها سلمان الفارسي مرة فبكى وقال : ان قيصر وكسرى بناتهما في السندس والحرير وابنة محمد رسول الله في تلك الثياب البالية.
وبلا شك في ان تلك الصور التي كانت تشاهدها العقيلة وهي في هذا السن من طفولتها قد انعكست في نفسها ورافقتها حتى النفس الاخير من حياتها لان مشاهدات الاطفال وما يحيط بها في المراحل الأولى من حياتهم وما يمر عليهم في سن الطفولة تترك آثاراً في نفوسهم ترافقهم في الغالب ما داموا بين الاحياء.
ويؤكد علماء النفس ان الطفل في السنة الثالثة من عمره تبدأ مرحلة التوافق بينه وبين بيئته ومرحلة التمييز بين الالفاظ والمعاني ، وان نموه العقلي في هذه المرحلة يتجه به إلى كشف ما يحيط به مما يرى ويسمع وهذا الكشف يترك آثاراً تعمل عملها في نفس الطفل ترافقه إلى اخر يوم من حياته.
هذا بالإضافة إلى ان السيدة زينب سلام الله عليها بعد وفاة امها الزهراء عاشت برعاية ابيها امير المؤمنين الذي كان يجسد جدها الرسول من جميع نواحيه بين أخويها الحسن والحسين عليهماالسلام وتولت حضانتهم