أَرادَ ألآلِ لَيْلى.
وتكونُ مُرادَفَة لباءِ القَسَمِ كقَوْلِهم : مِنْ رَبِّي فعلت (١) ، أَي برَبِّي.
* فائِدَة مُهمة.
* قالَ اللَّحْيانيُّ ، رحِمَه اللهُ تعالى : إذا لَقِيَتِ النُّونُ أَلفَ الوَصْلِ فمنهم مَنْ يخْفضُ النُّونَ فيَقولُ مِنِ القَوْم ومِن ابْنِك. وحُكِي عن طَيِّئٍ وكَلْبٍ : اطْلُبُوا مِن الرَّحْمنِ ، وبعضُهم يَفْتَح النّونَ عنْدَ اللامِ وأَلفِ الوَصْل فيَقولُ : مِنَ القَوْمِ ومِنَ ابْنِك ، قالَ : وأُراهُم إنَّما ذَهَبُوا في فتْحِها إلى الأصْل لأنَّ أَصْلَها إنَّما هو مِنَا ، فلمَّا جُعِلَتْ أَداةً حُذِفَتِ الأَلفُ وبَقِيَتِ النُّونُ مَفْتوحةً ، قالَ : وهي في قُضَاعَةَ ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ عن بعضِ قُضاعَةَ :
بَذَلْنا مارِنَ الخَطِّيِّ فيهِمْ |
|
وكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِ |
مِنَا أَن ذَرَّ قَرْنُ الشمس حتى |
|
أَغاثَ شَرِيدَهُمْ فَنَنُ الظَّلامِ (٢) |
قالَ ابنُ جنِّي : قالَ الكِسائيُّ : أَرادَ مِنْ ، وأَصْلُها عنْدَهُم مِنَا ، واحْتاجَ إليها فأَظْهَرَها على الصحة هنا.
وقالَ سِيْبَوَيْه : قالوا : مِنَ اللهِ ومِنَ الرَّسولِ فَتَحُوا ، وشَبَّهوها بكيْفَ وأَيْنَ ، وزَعَمُوا أنَّ ناساً يقُولونَ بكسْرِ النونِ فيُجْرُونَها على القِياس ، يعْنِي أَنَّ الأصْلَ في ذلكَ الكَسْرُ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن ؛ قالَ : واخْتَلَفُوا إذا كانَ ما بَعْدَها أَلِفُ وَصْلٍ فكَسَرَه قوْمٌ على القِياسِ ، وهي الجيِّدَةُ. ونقلَ عن قوْمِ فيه الفَتْح أَيْضاً.
وقالَ أبو إسْحاقَ : يَجوزُ حَذْفَ النونِ مِنْ مِنْ وعَنْ عنْدَ الألفِ واللامِ لالْتِقاءِ السَّاكِنين ، وهو في مِنْ أكْثَر يقالُ : مِنَ الآنِ ومِ الآن ، ونقلَ ذلِكَ عن ابنِ الأعْرابيِّ أَيْضاً.
* تذنيب* قَوْلُه تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ) (٣) ، الأُوْلى للابْتِداءِ ، والثانِيَة للتَّعْلِيلِ (٤) ؛ وقَوْلُه تعالى : (مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ) (٥) (بَقْلِها) ، الأُوْلى للابْتِداءِ ، والثانِيَة إمَّا كَذلِكَ فالمَجْرُورُ بَدَلُ بعضٍ وأعيد الجار ، وإمَّا لبَيانِ الجنْسِ فالظَّرْفُ حالٌ والمنبت مَحْذوفٌ ، أَي ممَّا تنبِتُه كائِناً مِن هذا الجِنْسِ ؛ وقوْلُه تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) (٦) ، الأُوْلى مِثْلُها في زَيْد أَفْضَل مِنْ عَمْرو والثانِيَة للابْتِداءِ (٧) ؛ وقوْلُه تعالى : أَتَأْتُون (الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) (٨) ، مِنْ للابْتِداءِ والظَّرْفُ صفَةٌ لشَهْوةٍ ، أَي شَهْوة مُبْتدأَةٌ مِن دُونهنَّ ؛ وقوْلُه تعالى : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) (٩) الآية فيها مِنْ ثلاث مَرَّات ، الأُوْلى للبَيانِ ، والثانِيَةُ زائِدَةٌ ، والثالثةُ لابْتِداءِ الغايَةِ ؛ وقوْلُه تعالى : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) (١٠) ، وقوْلُه تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ) (١١) ، الأُوْلى منهما للابْتِداءِ ، والثانِيَة للتَّبْيِّين.
[مون] : التَّمَوُّنُ : كَثْرَةُ النَّفَقَةِ على العِيالِ ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.
ومانَهُ يَمُونَه مَوْناً : قامَ بكِفايَتِه ، فهو رجُلٌ مَمُونٌ ؛ عن ابنِ السِّكِّيت.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
الاسمُ المانَةُ (١٢) والمَوُنَةُ ، بغيرِ هَمْزٍ على الأصْلِ ، وتقدَّمَ البَحْثُ فيه.
__________________
(١) في اللسان : ما فعلت.
(٢) اللسان والثاني في التهذيب.
(٣) الحج ، الآية ٢٢.
(٤) وتعلقها بأرادوا أو بيخرجوا ، أو للابتداء فالغم بدل اشتمال ، وأعيد الخافض ، وحذف الضمير أي من غم فيها. مغني اللبيب.
(٥) البقرة ، الآية ٦١.
(٦) البقرة ، الآية ١٤٠.
(٧) قوله للابتداء ، يعني أنها متعلقة باستقرار مقدار ، أو بالاستقرار الذي تعلقت به عند ، أي شهادة حاصلة عنده مما أخبر الله به ، قيل أو بمعنى «عن» على أنها متعلقة بكتم على جعل كتمانه عن الأداء الذي أوجبه الله كتمانه عن الله. مغني اللبيب.
(٨) الأعراف ، الآية ٨٠ وفي الآية : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ ...).
(٩) البقرة ، الآية ١٠٥.
(١٠) الواقعة ، الآية ٥٢.
(١١) النمل ، الآية ٨٣.
(١٢) في اللسان : المائنة.