ومَنَّ عليه وامْتَنَّ وتَمَنَّنَ : قَرَّعَهُ بمِنَّةٍ ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب :
أَعْطاكَ يا زَيْدُ الذي يُعْطي النِّعَمْ |
|
من غيرِ ما تَمَنُّنٍ ولا عَدَمْ (١) |
وقالوا : مَنَّ خَيْرَهُ يَمُنُّهُ مَنًّا فعَدَّوْهُ ؛ قالَ :
كأَنِّي إذ مَنَنْتُ عليك خَيْرِي |
|
مَنَنْتُ على مُقَطَّعَةِ النِّياطِ (٢) |
والمِنَّةُ ، بالكسْرِ : جَمْعُها مننٌ وامْتَنَّ منه بما فَعَل منَّةً ، أَي احْتَمَلَ منه.
والمَنَّانُ : من صيغِ المُبالَغَةِ ، وهو الذي لا يُعْطِي شيئاً إلَّا منه واعْتَدَّ به علَى مَنْ أَعْطاهُ ، وهو مَذْمُومٌ ؛ ومنه الحدِيثُ : «ثلاثَةٌ يَشْنَؤُهُمُ اللهُ ، منهم البَخِيلُ المَنَّانُ» ، وقوْلُه تعالى : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣) ، أي أَنْفِقْ.
وهو مِن أمنهم أكْثَرهم مَنَّا وعطِيةً.
والمُنَّةُ ، بالضمِّ : الضَّعْفُ ؛ عن ابنِ القطَّاعِ.
ومَنُونِيَا : من قُرَى نَهْرِ الملك ، منهم : أَبو عبدِ اللهِ حمادُ بنُ سعيدٍ الضَّريرُ المُقْرِئُ ، قَدِمَ بَغْدادَ وقَرَأَ القُرْآنَ ، عن ياقوت ، رحِمَه اللهُ تعالى ؛ والعلَّامَةُ ناصِحُ الإسْلامِ أَبو الفتْحِ نَصْرُ بنُ فتيان بنِ المَنِّي ، بفتحٍ فتشديدٍ مَكْسورَةٍ شيخُ الحَنابِلَةِ في حُدودِ السَّبْعِين وخَمْسُمائَةٍ ؛ وابنُ أَخِيهِ محمدُ بنُ مُقْبِل بنِ فتيان بنِ المَنِّي عن شهْدَةٍ ضَبَطَه الحافِظُ ، رحِمَه اللهُ تعالى.
[من] : ومَنْ ، بالفتْحِ : اسمٌ بمعنى الذي ، ويكونُ للشَّرْطِ ، وهو اسمٌ مُغْنٍ عن الكَلامِ الكثيرِ المُتَناهي في البِعادِ والطُّولِ ، وذلِكَ أَنَّك إذا قلْتَ مَن يَقُمْ أَقُمْ معه ، كانَ كافِياً عن (٤) ذِكْرِ جَمِيعِ النَّاسِ ، ولولا هو لاحْتَجْتَ أَنْ تقولَ : إنْ يَقُمْ زَيْدٌ أَو عَمْرو أَو جَعْفَرُ أَو قاسِمُ ونَحْو ذلِكَ ثم تَقِفُ حَسِيراً وتَبْقَى مَبْهُوراً (٥) ولمَّا تَجِدْ إلى غَرَضِكَ سَبِيلاً.
وتكونُ للاسْتِفهامِ المَحْضِ ، ويُثَنَّى ويُجْمَعُ في الحِكايَةِ كقَوْلِكَ : مَنانِ ومَنُونَ ومَنْان ومَنَات ، فإذا وَصَلُوا فهو في جَمِيعِ ذلِكَ مُفْردٌ مُذَكَّرٌ ، قالَ (٦) : فأمَّا قَوْلُ الحارِثِ بنِ شَمِرٍ الضَّبِّيِّ :
أَتَوْا نارِي فقلتُ مَنُونَ؟ قالوا : |
|
سَرَاةُ الجِنِّ ، قلتُ : عِمُوا ظَلامَا! (٧) |
قالَ : فمَنْ رَوَاهُ هكذا أَجْرَى الوَصْل مُجْرَى الوَقْفِ ، وإنَّما حَرَّكَ النونَ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ ضَرُورَةٌ ؛ قالَ : ومَنْ رَوَاهُ مَنُونَ أَنْتُم؟ فقالوا : الجِنّ ، فأَمْرُه مشكلٌ ، وذلِكَ أَنَّه شبَّه مَنْ بأَيٍّ ، فقالَ : مَنُونَ أَنْتُم على قوْلِه : أَيُّونَ أَنْتُم ؛ وإنْ شِئْتَ قلْتَ : كانَ تَقْدِيرَهُ مَنُونَ كالقَوْلِ الأوَّل ثم قالَ أَنْتُم ، أَي أَنْتُم المَقْصُودُونَ بهذا الاسْتِثْباتِ.
وإذا قلْتَ : مَنْ عِنْدَكَ؟ أَغْناكَ ذلِكَ عن ذِكْرِ النَّاسِ ، وتكونُ شَرْطِيَّةً ، نحْو قَوْلِه تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (٨).
وتكونُ مَوْصُولَةً نَحْو قوْلِه تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (٩).
وتكونُ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً ، ولهذا دَخَلَتْ عليها ربَّ في قوْلِه :
رُبَّ مَن أنضجتُ غيظاً قلبَهُ |
|
قد تمنّى لي موتاً لم يُطَعْ (١٠) |
ووصف بالنّكِرَةِ في قَوْلِ بِشْر بنِ عبدِ الرحمنِ لكَعْبِ بنِ مالِكٍ الأنْصارِيِّ :
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان.
(٣) ص ، الآية ٣٩.
(٤) في القاموس : «من».
(٥) على هامش القاموس عن نسخة : مُتَهَوّراً.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قول : قال ، أي ابن سيده ، فإن أصل العبارة من المحكم».
(٧) اللسان.
(٨) النساء ، الآية ١٢٤.
(٩) الحج ، الآية ١٨.
(١٠) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري ، الخزانة ٢ / ٥٤٦.