أَو لأنَّ صَفْحَتَيْ رأْسِه كانَتا من نُحاسٍ ، أَو كانَ له قَرْنانِ صَغِيرَانِ تُوارِيهما العِمامَةُ ، نَقَلَهُما السّمعانيّ.
أَو لأنَّه رأَى في المنامِ أَنَّه أَخَذَ بقَرْنَيْ الشمْسِ ، فكانَ تأْويلُه أَنَّه بَلَغَ المَشْرقَ والمَغْربَ ، حكَاه السّهيليّ.
أَو لانْقِراضِ قَرْنَيْنِ في زَمانِه ، أَو كانَ لتَاجِه قَرْنانِ ، أَو لكَرَمِ أَبيهِ وأُمِّه أَي كَرِيمُ الطَّرَفَيْن ؛ نَقَلَه شيْخُنا ، وقيلَ غَيْرُ ذلكَ.
قالَ : وأمَّا ذُو القَرْنَيْنِ (١) صاحِبُ أَرَسْطو فهو غَيْرُ هذا ، كما بسطَه في العِنايَةِ.
وقيلَ : كانَ في عَهْدِ إبراهيمٍ ، عليهالسلام ، وهو صاحِبُ الخَضِرِ لما طَلَبَ عَيْنَ الحياةِ ، قالَهُ السّهيليّ في التارِيخِ ، ولقَدْ أَجادَ القائِلُ في التَّوْرية :
كم لامَنِي فيك ذُو القَرْنَيْنِ يا خَضِر
وفي الحدِيثِ : «لا أَدْرِي أَذُو القَرْنَيْن نَبِيًّا كانَ أَمْ لا».
وذُو القَرْنَيْنِ : لَقَبُ المُنْذِرِ بنِ (٢) ماءِ السّماءِ ، وهو الأَكْبَر جَدُّ النُّعْمانِ بنِ المُنْذِرِ سُمِّي به لضَفِيرَتَيْنِ كانَتا في قَرْنَيْ رأْسِه ، كانَ يُرْسِلُهما ؛ وبه فَسَّر ابنُ دُرَيْدٍ قَوْلَ امرئِ القَيْسِ :
أَشَدَّ نَشاصَ ذي القَرْنَيْنِ حتى |
|
تَوَلَّى عارِضُ المَلِكِ الهُمامِ (٣) |
وذُو القَرْنَيْن : لَقَبُ عليِّ بنِ أَبي طالِبٍ ، كَرَّمَ اللهُ تعالى (٤) وجهَه ورضِيَ عنه ، لقوْلِه ، صلىاللهعليهوسلم : «إنَّ لَكَ في الجنَّةِ بَيْتاً» ، ويُرْوَى كَنْزاً ، وإنَّك لذُو قَرْنَيْها ؛ أَي ذُو طَرَفَي الجنَّةِ ومَلِكُها الأَعْظَمُ تَسْلُكُ مُلْكَ جميع الجنَّةِ ، كما سَلَكَ ذُو القَرْنَيْنِ جَمِيعَ الأَرْضِ واسْتَضْعَفَ أَبو عبيدٍ هذا التَّفْسيرَ.
أَو ذُو قَرْنَي الأُمَّةِ. فأُضْمِرَتْ وإنْ لم يَتَقَدَّمْ ذِكْرُها ، كقوْلِهِ تعالى : (حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (٥) ؛ أَرادَ الشمْسَ ولا ذِكْرَ لها.
قالَ أَبو عبيدٍ : وأَنا أَخْتارُ هذا التَّفْسيرَ الأَخيرَ على الأَوَّل
لحدِيثٍ يُرْوَى عن عليٍّ ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه ، وذلَكَ أَنَّه ذَكَرَ ذَا القَرْنَيْنِ فقالَ : دَعا قوْمَه إلى عِبادَةِ اللهِ تعالى فضَرَبُوه على قَرْنِه ضَرْبَتَيْن وفيكم مِثْلُه ؛ فنُرَى أَنَّه أَرادَ نَفْسَه ، يعْنِي أَدْعو إلى الحقِّ حتى يُضْرَبَ رأْسِي ضَرْبَتَيْن يكونُ فيهما قَتْلِي.
أَو ذُو جَبَلَيْها للحَسَنِ والحُسَيْنِ ، رضِيَ اللهُ تعالى عنهما ، رُوِي ذلكَ عن ثَعْلَب.
أَو ذُو شَجَّتَيْنِ في قَرْنَيْ رأْسِه : إحْداهُما من عَمْرِو ابنِ (٦) وُدٍّ يَوْمَ الخَنْدَقِ ، والثَّانِيَةُ مِن ابنِ مُلْجَمٍ ، لَعَنَهُ اللهُ ، وهذا أَصَحُّ ما قيلَ ، وهو تَتمَّةٌ من قوْلِ أَبي عبيدٍ المُتَقدِّم ذِكْره.
وقَرْنُ الثُّمامِ : شَبيهٌ بالباقِلَاءِ.
وذاتُ القَرْنَيْنِ : ع قُرْبَ المَدينَةِ بينَ جَبَلَيْنِ.
وقالَ نَصْرُ : قِرْنَيْن ، بكسْرِ القافِ : جَبَلٌ حِجازِيُّ في دِيارِ جُهَيْنَةَ قُرْبَ حرَّةِ النارِ ، فلا أَدْرِي هو أمْ غَيْره.
والقِرْنُ ، بالكسْرِ : كُفْؤُكَ في الشَّجاعَةِ ونَظِيرُك فيها وفي الحَرْبِ ؛ قالَ كَعْبٌ :
إذا يُساورُ قِرْناً لا يَحِلُّ له |
|
أنْ يَتْرُك القِرْن إلَّا وهو مَجْدول (٧) |
والجَمْعُ أَقْرانٌ ؛ ومنه حدِيثُ ثابِتِ بنِ قَيْسٍ : «بِئْسَما عَوَّدْتُم أَقْرانَكم» ، أَي نُظَراءَكم وأَكْفاءَكُم في القِتالِ. أَو عامٌّ في الحَرْبِ ، أَو السِّنِّ وأَيّ شيءٍ كانَ.
والقَرَنُ بالتَّحريكِ : الجَعْبَةُ تكونُ من جُلودٍ مَشْقوقَةٍ ثم تحززُ (٨) ، وإنَّما تُشَقُّ لتَصِلَ الرِّيحُ إلى الرِّيشِ فلا تَفْسُد ؛ قالَ :
__________________
(١) لعل الصواب : «وأما الإسكندر الخ» نبه عليه بهامش المطبوعة المصرية.
(٢) في القاموس : المنذرُ ، بالرفع ، والكسر ظاهر.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٦٦ برواية «أصد» والمثبت كرواية اللسان.
(٤) قوله : «تعالى» ليس في القاموس.
(٥) ص ، الآية ٣٢.
(٦) على هامش القاموس عن إحدى النسخ : عبد.
(٧) من قصيدة كعب بن زهير بانت سعاد ، شرح ابن هشام ص ٢٨ واللسان.
(٨) في اللسان : تخرز.