قالَ الراغبُ : ومنه قوْلُه تعالَى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) (١) يَعْنِي الإسلامَ لقوْلهِ تعالَى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٢) ، وعلى هذا قَوْله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ) (٣).
والدِّينُ : العادَةُ والشَّأْنُ ؛ قيلَ : هو أَصْلُ المَعْنَى.
يقالُ : ما زالَ ذلِكَ ديني ودَيْدَني ، أَي عادَتي ، قالَ المُثَقَّبُ العَبْديُّ :
تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِيني |
|
أَهذا دِينُه أَبَداً ودِيني؟ (٤) |
والجمْعُ أَديانٌ.
والدِّيْنُ : العِبادَةُ لِلَّهِ تعالَى.
والدِّيْنُ : المُواظِبُ من الأَمْطارِ أَو اللَّيِّنُ منها.
وقالَ اللَّيْثُ : الدِّينُ مِن الأَمْطارِ ما تَعاهَدَ موْضِعاً لا يزالُ يُصِيبُه ، وأنْشَدَ : مَعْهودٍ ودِيْن.
قالَ الأزْهرِيُّ : هذا خَطأٌ والبَيْتُ للطِّرمَّاحِ ، وهو :
عَقائلُ رملةٍ نازَعْنَ منها |
|
دُفُوفَ أَقاحِ مَعْهُودٍ ودِينِ (٥) |
أَرادَ : دُفُوفَ رَمْل أَو كُتُبَ أَقاحِ مَعْهودٍ أَي مَمْطور أَصابَه عَهْد مِن المَطَرِ بعْدَ مَطَر ؛ وقوْلُه : ودِيْن أَي مَوْدُون مَبْلُول مِن وَدَنْتُه أَدِنُه ودْناً إذا بَلَلْته ، والواوُ فاءُ الفعْلِ ، وهي أَصْلِيَّة وليْسَتْ بواوِ العَطْفِ ، ولا يُعْرَف الدِّيْن في بابِ الأمْطارِ ، وهذا تَصْحيفٌ مِنَ اللَّيْثِ أَو ممَّنْ زادَهُ في كتابِهِ.
والدِّيْنُ : الطَّاعَةُ ، وهو أَصْلُ المعْنَى ؛ وقد دِنْتُه ودِنْتُ له : أَي أَطَعْته ؛ قالَ عَمْرُو بنُ كلثوم :
وأَياماً لنا غُرًّا كِراماً |
|
عَصَيْنا المَلْكَ فيها أَن نَدِينا (٦) |
ويُرْوَى :
وأَيامٍ لنا ولهم طِوالٍ
والجمْعُ الأَدْيانُ.
وفي حدِيثِ الخَوارِجِ : «يَمْرُقُونَ مِن الدِّيْن مُروقَ السَّهْم مِنَ الرَّمِيَّة» ، أَي مِن طاعَةِ الإِمامِ المُفْتَرِض الطاعَةِ ؛ قالَهُ الخطابيُّ.
وقيلَ : أَرادَ بالدِّين الإِسْلام.
قالَ الرَّاغبُ : ومنه قوْلُه تعالَى : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) أي طاعَة ؛ وقوْلُه تعالَى : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) ، يعْنِي الطَّاعَةَ ، فإنَّ ذلِكَ لا يكونُ في الحَقِيقَةِ إلَّا بالإِخْلاصِ ، والإِخْلاصُ لا يتَأَتَّى فيه الإِكْراهُ ، كالدِّيْنَةِ بالهاءِ فيهما ، أَي في الطَّاعَةِ واللَّينِ مِنَ الأَمطارِ.
والدِّيْنُ : الذُّلُّ والانْقِيادُ ؛ قيلَ : هو أَصْلُ المعْنَى ، وبهذا الاعْتِبارِ سُمِّيَتِ الشَّريعَةُ دِيناً كما سَيَأْتي إن شاءَ اللهُ تعالى ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للأَعْشى :
ثم دانتْ بعدُ الرَّبابُ وكانتْ |
|
كعذابٍ عُقُوبَةُ الأَقوالِ (٧) |
أَي ذَلَّتْ له وأَطاعَتْه.
والدِّينُ : الدَّاءُ ؛ وقد دانَ إذا أَصابَهُ الدِّينُ أَي الدَّاءُ قالَ :
يا دِينَ قلبِك من سَلْمى وقد دِينا (٨)
قالَ المفضَّلُ : معْناهُ يا دَاءَ قلبِكَ القَدِيم.
وقالَ اللَّحْيانيُّ : المعْنَى يا عادَةَ قلْبِكَ.
__________________
(١) آل عمران ، الآية ٨٣.
(٢) آل عمران ، الآية ٨٥.
(٣) الصف ، الآية ٩ والفتح الآية ، ٢٨ والتوبة الآية ، ٣٣.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) ديوانه ص ٥٢٨ واللسان والتهذيب والتكملة.
(٦) من معلقته ، مختار الشعر الجاهلي ٢ / ٣٦٤ برواية :
وأيام لنا غرٍّ طوالٍ
واللسان.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٦٩ واللسان والصحاح والتهذيب.
(٨) اللسان والمقاييس ٢ / ٣١٩ وجزء منه في التهذيب.